أودع فى الكون أسراره : أسرار عظمته.. وترك فى الكون ما يدل على صفاته العلا، فمن حقه جل جلاله أن يقسم بالكواكب وهى تملأ الكون، وأن يقسم بالنفس البشرية، والوالد وما ولد، وأن يقسم بالرياح، والشفق، والليل وما وسق، والقمر إذا اتسق، فالإعجاز فى الكون ظاهر فى القرآن الكريم. من آثار هجر القرآن: لذلك، وجدنا الأمة الإسلامية عندما هجرت كتابها، أو على الأقل أخذت تقرؤه على أنه تراتيل دينية، فإنها فقدت صلتها بالكون، وكانت النتيجة: أن الذين درسوا الكون خدموا به الكفر، واستطاعوا أن يسخروه لأنفسهم، ومبادئهم، وإلحادهم، وتثليثهم. أما نحن، ومع أن كتابنا كتاب الفكر، أو كما يقول العقاد: التفكير فريضة إسلامية، ومع أن كتابنا كتاب تجاوب مع الكون بحيث لم نر كتابا سماويا أو مقدسا ـ كما يقولون ـ نوه بعظمة الله فى كونه أو بعظمة الكون لأن الله هو الخالق، كالقرآن الكريم.. ما الذى صرفنا عن هذا كله؟ صرفنا عنه أننا ما أحسنا التلقى والتعامل مع القرآن أبدا. بل كما نقرأ، وكنا نعتبر الخطأ الكبير فقط ألا يمد القارئ المد اللازم خمس أو ست حركات، أو لا يغن الغنة، أو لا يخفى الإخفاء! وكل ذلك يمكن أن يكون وسائل لحماية الأداء القرآنى ليكون محلا للنظر والتدبر.. أما وعى المعانى، وإدراك الأحكام، والتحقق بالعاطفة المناسبة من خلال تشرب معانى القرآن، فقد اختفى من نفوسنا. هذا شىء لابد أن نبدأ به كل كلام عن القرآن الكريم، وإلا فنحن معزولون عن ديننا وعن مصدره. القرآن كتاب يصنع النفوس، ويصنع الأمم، ويبنى الحضارة.. هذه قدرته.. هذه طاقته.. فأما أن يفتح المصباح، فلا يرى أحد النور لأن الأبصار مغلقة، فالعيب عيب الأبصار التى أبت أن تنتفع بالنور، والله تعالى يقول: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من


الصفحة التالية
Icon