لأنى فى الحقيقة كاره لهذه الأشرطة، التى تجعل الناس يحفظون ولا ينتفعون.. وفى الوقت نفسه أحب بقاء واستمرار التواتر القرآنى، فهل فى الإمكان أن يحفظ الطلاب قطعا من القرآن الكريم، وأن يقرب لهم المعنى فى الوقت نفسه؟ ص _٠٣٢
حسن استثمار مرحلة الطفولة للحفظ مما يلفت النظر، أن الحافظة فى هذه السن ـ دون العاشرة ـ هى المهيأة لاستظهار القرآن.. وكلما تقدمت السن بالإنسان، قلت ملكة الحفظ عنده، وتقدمت ملكة الفهم، أى القدرة على التركيب والتحليل والتدبر والغوص وراء المعانى البعيدة، وما إلى ذلك.. فاستثمار هذه السن لاستظهار القرآن وحفظه، مع شىء من تقريب المعانى وعدم الاقتصار على الاشتغال بالحفظ فقط، قد يكون من بعض الحلول المطلوبة لمعالجة ما يمكن أن يترتب مستقبلا من الانصراف إلى اللفظ والاهتمام به دون التدبر فى المعنى.. وأظن أن ما يعرض من برامج أطفال ليس العقل مستبعدا منها بإطلاق، لكن جعل للعقل النصيب الذى يستطيعه الطفل، ويثير عنده قضية خصوبة الخيال العلمى بشكل خاص.. فليس هو ملء خيال فقط بعيد عن أى هدف، وإن كان تخصيب الخيال هدفا بحد ذاته.. البرامج التى رأيتها تعرض على الأطفال، ما تعتمد إطلاقا على العقل، وإنما هى خيالات جامحة إلى حد بعيد.. سألت نفسى أيضا ـ والأمر يحتاج إلى دراسة ـ : الصحابة الذين استمعوا للقرآن الكريم كانوا شبابا، ويوجد بعض الأطفال الحفظة، لكن لا ننسى أن الوعى العربى، أو أن لغة التخاطب بين العرب كانت قريبة من أسلوب القرآن، فالفهم واضح.. لكن، ألا تعتقد أن هذه المحفوظات من الآيات التى تتنزل، كانت تدعم معانيها فى نفوسهم الحياة الواقعية التى تبرز معناها مجسدا، فالحياة الواقعية كانت هى الوسائل المعينة على التمثل والتدبر، كانت مترجمة أو مجسدة فى أعمال ووقائع، إلى جانب تقارب لغة الخطاب أى هناك مناخ عملى مجسد لهذه المعاني ينشأ فيه الأطفال.. أما اليوم وبعد أن تباعدت اللغة، وغاب تنزل