الذاكرة، وكانت الذاكرة فى الماضى هى الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن وتواتره وما إلى ذلك.. أما الآن وقد وجد القرآن مسجلا، فقد تكون الحاجة إلى حفظ الذاكرة تراجعت، وأصبحت الحاجة إلى المدارسة والتدبر هى الأكثر أهمية، على الرغم مما فى الحفظ ص _٠٣٤
من أبعاد تبقى مطلوبة لأكثر من أمر من مثل: تكوين المرجعية للطفل وانطباعه بأسلوب القرآن وكلماته، وتكوين ملكته اللغوية، إلى جانب استمرار تواتر المشافهة وضرورة استحضار الآيات فى الأداء العبادى، وإن كان الحضور القرآنى فى النفس الإنسانية سوف لا يغنى عنه شىء من تقنيات الحفظ.. لابد من استبقاء التلاوة، لأن القرآن تميز ببقائه، وبقاؤه يرجع إلى هذا السيل الموار من الحفظة الذين لا ينقطعون فى عصر من العصور، واستمرار هذه المشافهة فى الحفظ وتواترها، إلى جانب الكتابة، هو الذى حمى النص القرآنى، وضمن استمراره. وأذكر أنى كنت فى مكة، وكنت أقرأ القرآن بالترتيب فى صلواتى، فجاء الدور فى سورة فاطر، فكنت أقرأ وحصل منى خطأ، ففوجئت بأن واحدا من وسط الصفوف يردنى إلى الصواب، وشعرت بفرح يغمرنى لأن القرآن ـ ولله المنة ـ يوجد من يحفظه من رجل الشارع العادى، كما يقال.. فلابد من استمرار التواتر القرآنى، وهذا جزء من رسالة الأمة الإسلامية. ص _٠٣٥