دورالمناهج التراثية فى فهم القرآن والتعامل معه هناك مدارس فى التفسير، أو ـ بمعنى أدق ـ مناهج متعددة فى فهم القرآن، تشكل بمجموعها طرائق السلف ومسالكهم فى التناول والفهم، ولقد جاءت هذه المدارس فى ضوء تحقيق أهداف بلاغية لغوية أو فقهية أو كلامية أو صوفية أو فلسفية أو تربوية.. الخ لا سبيل إلى حصرها هنا. كيف يمكن الإفادة منها والتعامل معها اليوم، فمثلا هل يمكن اعتماد منهج علماء الأصول فى النظر والاستنباط، ومباحث دلالات الألفاظ.. الخ، الذى اعتمدوه للوصول إلى الحكم التشريعى، منهجا شاملا يمكن تعميمه على إدراك الأبعاد المتعددة فى الخطاب القرآنى، التى تستوعب كلمة الفقه للآيات بالمعنى الشامل مثل: الفقه الدستورى، والإدارى، واكتشاف سنن التسخير، والتعرف على شروط نهوض الأمم وسقوطها، وتحديد أبعاد الاعتبار بأحوال الأمم السابقة، وقوانينه، وتحديد علل التدين، وبيان أسبابها النفسية، والاجتماعية، وما يمكن أن تحقق من مقاصد ومغزى فى القصص القرآنى؟ ذلك أن علماء الأصول انصرفوا، لسبب أو لآخر، إلى الحكم التشريعى، واعتبروا الخطاب القرآنى ذا بعد واحد، وحصروا مفهوم الفقه فى الحكم التشريعى، مع أن للخطاب أبعادا أخرى متعددة ـ كما ذكرنا ـ قد تكون مقدمة لابد من تحصيلها ليترتب بعد ذلك الحكم التشريعى.. وفى الحقيقة، قد يكون المنهج الذى تأصل وتكون من بين سائر المناهج هو منهج علماء الأصول، وتلاشت سائر المناهج، أو توقفت بشكل مبكر. هذا الكلام يعود بنا إلى شىء كنت ذكرته فى إحدى خواطرى.. وهو أن المدارس الكبرى فى التاريخ الثقافى للفكر الإسلامى، تلاشى أكثرها.. هناك الآن مدرسة المحدثين، وهى مدرسة تكافح باسم السلف، لكن قصرت مهمتها وحصرت اهتمامها بعلوم السنة فقط بعيدا عن الرؤية الشمولية لقيم الإسلام وعطائه الحضارى. وهناك مدرسة الفقهاء، وهى مدرسة اقتصرت على فقه العبادات وما إليه، وجعلت منه إطارا لنشاطها العقلى، وقلما انخلعت