وهناك منهج المتصوفة، أو مدرسة المتصوفة، وهى مدرسة تشينها الخرافة، لأنها اعتمدت على خطرات القلوب بعيدا عن الضوابط الشرعية واللغوية، وانتهت إلى صورة من الإرجاء والجبرية أدت إلى الانسحاب من المعركة الاجتماعية (وممارسة نوع من الانتحار الروحى).. ولكن يزينها أنها بحثت فى الأخلاق وأدب النفس، وحسن الصلة بالله، وحسن استحضار جلاله وهيبته، ولابد من إعادة النظر فى منهجها ووسائلها فى ضوء أهدافها الضرورية للأمة، وضبطها بضوابط الشريعة. وهناك منهج الفلاسفة، أو مدرسة الفلاسفة، ومن رجالها الأكابر: الغزالى وابن رشد، وكلاهما خصم للآخر، ولكن كلاهما فيلسوف.. والحقيقة أنه لابد من النظر إلى هذه المدرسة من خلال ظرفها التاريخى والمشكلات والتحديات التى واجهت الفكر الإسلامى فى حينها، ودورها فى الذود عنه، أما النظر إليها بعد أن انتهت إلى تجريدات ذهنية بعيدة عن الواقع فأمر قد يكون فيه كثير من التجنى. هذه المدارس تكاد تكون اختفت، وما بقى منها الآن إلا أطلال، ولكى تنتعش الثقافة الإسلامية يجب أن تعود هذه المدارس بصياغة جديدة تستمد تصوراتها من القرآن والسنة وتنزل إلى ساحة الواقع، متبنية المنهج العملى الواقعى بعيدا عن التجريدات الذهنية والمنطق المجرد. ص _٠٣٨