ثم لابد أن تعود المدرسة التى أهيل عليها التراب من عهد مبكر وهى مدرسة ابن الهيثم، وجابر بن حيان، والخوارزمى والذين انطلقوا من الرؤية القرآنية للسنن الكونية ودرسوا الكون دراسة جيدة.. كما لابد أن تعود مدرسة الأدب، لأنه منذ القرن الرابع الهجرى ضاع الأدب العربى تقريبا، وافتقد رسالته، وغاب هدفه، وبدأ ينحدر إلى أن جاء من يقول قصيدة فى خاتم، وفى شمعه.. الثقافة الإسلامية بالصورة التى انتهت إليها الآن، لا تسر مسلما حريصا على ثقافته، لأنها ابتعدت عن الينابيع الأصلية من الكتاب والسنة، وتوقفت عند الحدود التى جمدت عندها مدارس الفكر الإسلامى.. المدارس القرآنية الحديثة: ويمكن حصر الثقافة القرآنية الآن، فى عدد من المدارس: فهناك مدرسة الأثريين، أو أصحاب التفسير بالمأثور، وهى مدرسة يمثلها الآن "ابن كثير"، وتفسيره شائع، وإن كان ابن جرير الطبرى، أرقى منه وتفسيره أدق.. والذى يعيب هذه المدرسة ص _٠٣٩
ـ فى نظرى ـ أنها ربطت تفسير الآيات بأحاديث أغلبها ضعيف، فكانت مصيدة حالت دون انطلاق الفكر القرآنى إلى أهدافه الشاملة فى التفسير، ووسيلة إلى شيوع الأحاديث الضعيفة التى بنى عليها المحدثون فكرهم القرآنى.. وعندما وضع سيد قطب رحمه الله مؤلفه " فى ظلال القرآن "، اعتمد على تفسير ابن كثير فى النصوص، وترك ما وراء هذا على قدرته الأدبية على الصياغة، وعلى أن يسبح مع الأفكار الجديدة. هناك التفسير الفقهى للقرآن، وهو تفسير طوع الآيات لأحكام الفقهاء وطريقتهم فى الاستنباط، ولم يهتم إلا بآيات الأحكام التشريعية، واقتصر فى ذلك على الحكم الشرعى دون المقاصد الأخرى، وهذا فيه شىء يستدعى الاستدراك. وهناك التفسير الكلامى، وأنموذجه "الرازى" مثلا فى "التفسير الكبير"، وهو تفسير ينبغى أن نأخذ منه بطرف وندع أطرافا أخرى لأنها خرجت بالتفسير عن مجاله.. ص _٠٤٠


الصفحة التالية
Icon