وهناك مدارس أخرى وكل مدرسة من هذه المدارس لها خير وعليها مأخذ.. ولا يجوز أن نجحد فضل صاحب الفضل، ولكننا نريد للعصر الحديث والصحوة الإسلامية لكى تكون ناشبة بأعماق الإسلام، ومنطلقة من أعماقه الصحيحة، أن تقدم له جيلا واعيا، موصولا بالقرآن، مدركا لأبعاده ومقاصده؟ أولا.. وأن تنظر إلى هذا الجهد البشرى على أنه جهد، خطؤه وصوابه متقاربان، وجائزان، وتنتفع من تجارب الاحتكاك بالأفكار والعقائد والأديان الأخرى، فى ضوء منهج نضيج، فلا تقول كلاما مضحكا.. فمثلا عندما أقرأ فى تفسير ابن كثير حديثا واهى السند، يقول فيه: كانت سورة الأحزاب فى طول سورة البقرة، ثم نسخ منها ما نسخ (!) فهل يمكن أن ينزل الله سورة من أربعين صفحة ثم ينسخ منها خمسا وثلاثين صفحة؟ كيف يقال هذا؟ وما هو المنهج الحاكم على مثل هذه المرويات الظنية؟ لابد أن أعود إلى ما عندى من أصول يقينية حسب مدارسنا التى عشنا بها عقليا، فنحن نحترم المتواتر، ونحترم الحديث المشهور، أما أن يسرى فجأة حديث واهى السند، رد الفقهاء والمحدثون عشرات ومئات من أمثاله، لكى يكون حكما على القرآن، فهذا عجيب يجب أن ننقى تفاسير القرآن منه! فالمدارس القرآنية الكثيرة، مع المدارس الثقافية الإسلامية، يجب أن تكون أمامنا ونحن نسعى لصنع ثقافة قرآنية جديدة. أعجبنى أن العقاد جمع الآيات الفكرية والعقلية وألف كتابه " التفكير فريضة إسلامية ". شمول الرؤية القرآنية: أنا شخصيا تتبعت كلمة: (أولو الألباب ) فى القرآن الكريم فى ستة عشر موضعا أثناء الحديث عن النفس والكون، والتاريخ الماضى، والحديث عن الله.. وجدت أن القرآن ليس كتابا فنيا مقسما على قضايا معينة، ثم تنقطع فيه الرؤية الشاملة، بل هو يعرض الكون وهو يبنى العقيدة.. ويعرض الكون وهو يربى الخلق.. ويمزج بين الجميع بطريقة مدهشة. فالنظر فى الكون والواقع والتاريخ يقود إلى الإيمان، ويوصل التوحيد، ويبنى الخلق. فقوله تعالى: (يا أيها