_٠٤٤
الناس إلى الله، لكنه فى واقعه صدهم عن دين الله: (يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله). وعدد من المتدينين، أو المتفقهين، أو المنتسبين إلى الدين بعيدا عن التحقق بالرؤية القرآنية المتجاوبة مع فطرة الخلق، صداد عن سبيل الله بهذا المسلك الذى يقدمون به الدين.. إنهم يبتعدون عن فطرة الدين ومصادره العقلية والدينية.. فالله سبحانه وتعالى يبين أن حقائق الدين تتجلى وتتكشف من النظر والتدبر لآيات الله المبثوثة فى الأنفس والآفاق: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) فأين نحن من ارتياد الآفاق وكشف الآيات؟ وأين نحن من حسن قراءة أنفسنا ومعرفة سنن الله وآياته منها فى ضوء الأبعاد الواردة فى القرآن؟ علم النفس ما درس دراسة صحيحة إلا بعد أن تحرر من الفلسفة الإغريقية، وبدأ يغوص فى آفاق النفس البشرية ليتعرف على دوافعها ونوازعها، معتمدا أسلوب استبطان الإنسان. التصوف عندنا لو التزم الأدب الإسلامى والضوابط الشرعية ولم يمش وراء الرهبنة المسيحية لكان عطاؤه كبيرا ورواؤه مثمرا.. كان عندنا الحارث المحاسبى غواصا فى أسرار النفس، وجاء بعده الغزالى غواصا فى أسرار النفس. وكان من الممكن أن يقوم عندهم علم نفس جيد، ويقدم للبشرية بديلا مقنعا، ويخلصها من الشذوذ الذى اعتمد أصلا نفسيا يحلل على أساسه السلوك البشرى من مثل مدرسة التحليل النفسى التى كان رائدها فرويد الذى يقول: (إن رضاع الولد من أمه، إرواء وتنفيس عن غريزة حيوانية).. ص _٠٤٥


الصفحة التالية
Icon