لو التزمنا الرؤية القرآنية وذهبنا نتدبر آيات الله فى الأ نفس، لكان عندنا علم النفس الذى يعرف عظمة الخالق عندما فطر هذه النفس، وخلق الإنسان من قبضة طين ونفخة روح: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) وكل بشر نفخة من روح الله.. فنبدأ ندرس النفس الإنسانية والفطرة السليمة، وما ينميها ويزكيها من وسائل ووسائط، وما يعتريها من أمراض وإصابات لابد من معرفة أسبابها وتقديم العلاج التربوى الناجح لها. التقريب بين الدراسة القرآنية وبين ما وصلت إليه الإنسانية وحضارتها، يحتاج منا إلى أن ننخلع قليلا عن بعض مواريثنا القديمة التى ليست من ثوابت الدين وقيمه الأصيلة والإفادة من الحضارة الحديثة وما وصلت إليه من ناحية وسائل فهم الكون، ومن ناحية مردود النظر فى النفس الإنسانية، واعتماد كثير منها بعد ضبطها بمبادئ الإسلام ومقاصده الكلية. أبعاد المنهج المطلوب للاغتراف من القرآن، برؤية شاملة الأبعاد، متعددة المقاصد وليست لاستنباط الحكم الفقهى فقط، هناك مناهج تعاملت مع القرآن: كمناهج الفقهاء والأصوليين والمفسرين بمدارسهم ومناهجهم المتعددة، وعلماء الكلام والمتصوفة وعلماء اللغة الذين تعاملوا مع القرآن كمعجزة بلاغية.. هذه المناهج كلها التى جاءت ثمرة لواقع معين ومعالجات مرهونة بزمانها، لم تحقق الفقه المطلوب لآيات الله وسننه فى الأنفس والآفاق، ولم تغن العقل المسلم اليوم بالرؤية الشاملة من خلال الواقع والظروف التى نعيشها، والتوقف والجمود الذى لحق بهذا العقل وغيبه عن ساحة الشهود الحضارى.. ونحن الآن بحاجة إلى منهج للتحقق بالرؤية الشاملة، الموضوعية وليس الموضعية.. طبعا أمامنا هذه المناهج من مواريثنا الثقافية: مناهج الأصوليين فى استنباط الحكم، مناهج الفقهاء التى انبنت على مناهج الأصوليين، ومناهج المتصوفة ـ وإن كنا لا ندرى إلى أى مدى يمكن أن نسمى مدارس التصوف منهاجا، لأنها لا توجد لها ضوابط منهجية، وإنما قد تعتمد على