التشريعية، والدوران فى فلك اجتهاد السابقين، شرحا واختصارا.. أما ما وراء ذلك فأصبح للتبرك، وانحسرت الرؤية القرآنية الشاملة.. أليكسيس كارل فى كتابه "الإنسان ذلك المجهول " أخذ يعيب المتخصصين ويقول: إنهم يعيشون فى دوائر مغلقة من تخصصاتهم، وإن الحياة ليست كذلك، ولابد من الأخذ بعلم الإنسان.. واعتبر أن الإنسان له علم يتجاوز هؤلاء كلهم.. ص _٠٤٨
والنظرة الشاملة الآن بدأت تفرض نفسها على الثقافة الإنسانية، وفى الوقت نفسه وسعت شعب التخصصات على أساس خدمة النظرة الإنسانية العامة.. يوجد الآن، حتى علم للأغذية، ولكن علم الأغذية لخدمة الإنسان، وفى الطب مثلا تجد طبيبا متخصصا فى العيون، وآخر فى القلوب، وثالثا فى الأ نف والأذن والحنجرة.. الخ فالشىء الواحد بدأ يتفرع إلى تخصصات لكن الأساس كله: لابد من دراسة الإنسان من قبل ومن بعد، لأنه لا معنى للتخصص قبل الشموليات. فالتخصص هو: معرفة جزء من كل، لكن هذا الجزء لا يجوز أن ننظر إليه مبتورا ومنفصلا عن موضوعه، فمن الخير أن تعرف آثار التخصصات الأخرى، على تخصص الإنسان نفسه. فى النظر إلى العلوم والمناهج وما يتصل بها، سنجد أن كل علم له أسلوب خاص به. ونحن لابد لنا أن نبحث ونتابع ونتعرف على المنهج الذى يحقق الغاية والمقصد لكل علم، لأن تسخير الكون يعنى أول ما يعنى اكتشاف قوانينه التى تمكن من التسخير.. فنقل طريقة الفقهاء إلى علماء التربية أو علماء النفس، هذا لا يمكن ولكل علم منهجه الخاص. الحاجة إلى فهم السنن القرآنية السنن الاجتماعية فى القرآن هى القوانين المطردة والثابتة التى تشكل إلى حد كبير ميكانيكية الحركة الاجتماعية: حركة المجتمع، وتعين على فهمها، وكلمة "سنة" تعنى القانون المطرد الذى لا يتخلف إلا فى قضايا السنن الخارقة.. أما السنن الجارية فلا تتخلف، وإن كان لا يرى اطرادها واضحا وصارخا كقوانين المادة. وقد تكون حاجة المسلمين اليوم لفهمها وحسن التعامل معها


الصفحة التالية
Icon