الفكرى فى سياق التاريخ البشرى، فالذى يقرأ القرآن فى إطار وحدته الكلية غير الذى يقرؤه قراءة انتقائية، تسلخ الآيات عن سياقها الكلى، كما أن الذى ينظر إليه قصصا وتشريعا وترغيبا وترهيبا، غير الذى ينظر إليه جامعا شاملا خالدا مجردا عن حدود الزمان والمكان، يغطى الوجود الكونى وحركته، باعتبار أن القرآن هو المعادل الموضوعى فى الوعى للكون وحركته وعلاقاته، وعبر استمرارية وتغيرات الزمان والمكان. لقد حدد القرآن نفسه مواصفاته باعتباره كلام الله تعالى، وأوضح أنه وحى كامل، يستجيب لما كان من حالات تاريخية سابقة، ويستمر باتجاه المستقبل عبر مختلف العصور: (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير* ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير). إن هاتين الآيتين تشيران بشكل واضح إلى أن الكتاب الكريم يستمر فى العطاء، ليستجيب لمختلف العصور، وتكون الاستجابة بمكنوناته التى تنكشف طبقا لحالات الاستدعاء الزمانى، فهو متجدد العطاء: (فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون). ومن خواص القرآن العظيم أنه الوحيد المعصوم من بين جميع الكتب السماوية، ومن خلاله حفظ الله سبحانه ذكر من سبقنا كذلك، فلولا القرآن العظيم لضاع الصحيح السليم من تراث الأنبياء: (إنا نحن نزلنا الذكر * وإنا له لحافظون) فهو المرجع الموثق الوحيد للآخرين وقضاياهم أيضا :(وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون * بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون). (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة


الصفحة التالية
Icon