ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) ص _٠٠٧
فهو الكتاب المهيمن على ما حرف من الكتب السابقة: (ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب). خصائص القرآن عديدة، ويمكن تلمسها فى وحدته الكلية المنهجية خاصة فى ترتيبه التوقيفى، فيما تجاوز مرحلة النزول المجزأ والمرتبط بالمناسبات، فصار لكل سورة عمودها وهدفها الأساسى، ووضح المحور الكلى للقرآن العظيم فى وحدته الكاملة. كما يمكن تلمسها فى الحفظ الإلهى، وتجدد العطاء وتكشف المكنون تبعا للاستدعاء الزمانى، فهو المهيمن على الزمان والمكان والمتغيرات، بما يمنحه من وعى كامل للوجود الكونى وحركته وعلاقاته، إنه وعى الكون كله بما فيه مدركا بكلمات الله، فلا يمكن للماضى أو الحاضر أو المستقبل أن يحيط بوحى الكتاب مطلقا، وإنما يأخذ منه ما يستدعيه عصره بنسبية الظرف التاريخى ومتعلقاته الاجتماعية والحضارية وعبر طرائق فكره. وأهمية هذه الدراسة لا تكمن فى إعادة تفسير أو تأويل، وإنما تكمن فى محاولة تخليص الفكر الإسلامى من شوائب كثيرة، تمهيدا لإحداث النقلة النوعية باتجاه المعرفة والمنهج فى مجتمع إسلامى، لا نقول: إنه قد استوعب المتغيرات الحضارية العالمية الجديدة، ولكنه بدأ فى ذلك، فعالمية الخطاب والفكر والتوجه هى من خصائص الإسلام، الذى أسس أول عالمية دينية بوصف النبى ﷺ خاتما للأنبياء ورحمة للعالمين، وبوصف القرآن المجيد خاتما للكتب السماوية ومهيمنا عليها. عالمية التوجه مؤصلة فى بنائنا الإسلامى، ولهذا نلمس فى المدارسة انفتاحا حضاريا عالميا، بحيث تمضى المدارسة إلى معالجة أزمات الحضارة العالمية بالإسلام، وبوعى منهجى يصوب منجزات الفكر البشرى المعاصرة، موضحا بذلك هيمنة الإسلام على التجربة البشرية كلها من غير أن