تصويب مناهج الفكر ووسائل التلقى إذا تأملنا ملامح الظاهرة الثقافية التى عليها المسلمون اليوم، سواء كانوا متعلمين أو كانوا من عوام الأمة، نجد أن هناك خللا فى تلقى القرآن الكريم، خللا فى التعامل مع القرآن.. هذا الخلل يعود إلى: طريقة التدريس، إلى مناهج التربية، إلى مناهج التعليم، إلى مؤسسات تحفيظ القرآن نفسها.. يشارك فى هذا الخلل مؤسسات كثيرة عاملة فى بناء الشخصية.. فهذا الخلل، أو تلك الأسباب التى انتهت بنا إلى ما نحن عليه، إذا حاولنا الأخذ بسنة السببية التى نحن بصددها، وهى دليل الوحى عندنا، والتى كان إهمالها من أهم أسباب التخلف فى مجال الدنيا وإعمارها، والتواكل فى مجال الدين والسلوك، لو أعملنا: هذه السنة، نستطيع أن نحدد موطن الخلل فى نظامنا التعليمى، وفى التعامل مع القرآن الكريم منبع ثقافتنا الأصلى الذى أحدث هذه الظواهر.. فتغيير التعامل مع القرآن، يجب أن يبدأ فى إصلاح الخلل فى مناهج التلقى، ووسائط التوصيل، وإعادة بناء العقل على منهج فكرى واضح نستطيع به تغيير التعامل مع القرآن. القرآن نفسه يقول: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)، فكأن الفساد ناشئ عما كسبته الأيدى، ولن يتلاشى الفساد إلا إذا اختفى ما تكسبه الأيدى من إثم. فى القرآن تساؤلات، مثل: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين). فالقصة ليست قصة أن الرسول ﷺ راغب فى أن يهدى أمة، أو أن يهدى فردا.. الفرد إن لم يصنع شيئا يرفع به رأسه، ويهذب نفسه، فإن محبة الرسول ﷺ لهدايته لن تجزى.. فقد يكون هناك من يحب لنا الرفعة، ولكن لن نرتفع إذا كانت أجنحتنا مقصوصة! لابد من العودة إلى قانون السببية، ونعرف بدقة ما السبب فى تخلفنا.. والتخلف كالمرض.. فالإنسان إذا مرض بحمى من الحميات، فإنه لكى يشفى منها، فإن الشفاء لن يكون ما بقيت الجراثيم موجودة فى البدن.. إزالة الجراثيم