بشتى الأدوية، يؤذن بالشفاء. القرآن، شفاء للمؤمنين.. ما معنى أنه شفاء للمؤمنين؟ يقول أصحاب النكت : إنه ـ فى أيام الأتراك ـ كان يجئ فى الأسطول من يقرأ البخارى لكى يكون بركة ص _٠٥٦
للمعركة القادمة، فقيل لهؤلاء: إن الأسطول يسير بالبخار لا بالبخارى.. فقراءة البخارى دون إدراك لأبعاد الأحاديث النبوية المبينة للقرآن الكريم فى حسن التعامل مع قانون السببية، لا تجعل السفينة تتحرك إذا كان الربان يكتفى بقراءة البخارى.. ومجرد قراءة البخارى ـ دون التعامل مع الأسباب ـ لا تنفعه هنا إطلاقا. وما حدث قط أن نفعت من سبق. المسلمون كانوا حديثى عهد بسنة وبقرآن، واشتبكوا مع الرومان فى معركة ذات الصوارى.. ما كان للعرب صلة بمعارك البحر، ولكنهم علموا أنهم ما يكسبون المعركة ضد الرومان والبحر الوسيط، إلا إذا صنعوا السفن واشتبكوا مع العدو.. فصنعوا السفن واشتبكوا مع العدو. وما فكروا قط فى أن يجعلوا من تلاوة آيات أو قراءة كتاب سنة بركة لكى ينتصروا، وإنما كانت البركة فى أن يحولوا آيات الجهاد إلى جهاد، وآيات الإعداد إلى إعداد.. فأعدوا مكانا غريبا على بيئتهم، وما كان بعيدا على جاهليتهم وماضيهم الأول.. كانوا ركاب إبل فى سفن الصحراء، فما الذى جعلهم يصنعون السفن فى البحر كى ينتعشوا؟ من غير شك، هناك خلل فى أخذنا من القرآن الكريم وهذا الخلل سرى حتى فى الأعمال الشخصية المحدودة جدا، فأنت ترى الرجل يتوضأ ويبقى وسخا! لماذا؟ لأنه أمر الماء وهو ذاهل، ما نظف به درنا وما أزال به وسخا، فكذلك نحن نستمع للآيات دون وعى: (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين). فلابد من أن يتلاشى هذا الخدر الذى قيد الأفكار وقيد الحواس، وقيد الأعضاء فأصبحنا لا نتحرك بكتاب ربنا كما حرك هذا الكتاب آباءنا. موطن الخلل المشكلة الآن، فيما يبدو لى، أن الإصابة والخلل واقع فى المؤسسات الموكول إليها عملية الإشراف على التربية والتعليم


الصفحة التالية
Icon