من مناهج وكتاب ومدرس ووسائل معينة.. إنها لم تستطع أن تكون أداة توصيل صحيحة بين الجيل وبين القرآن الكريم ومواريثه الثقافية.. فصار هناك توارث للتخلف والمرض.. فالمشكلة الكبرى قد تكون فى المؤسسات المنوط بها الآن تفهيم وإيصال القرآن للجيل.. هذا عمل المصلحين الكبار.. المصلحون الكبار يجيئون فى أيام عجاف، لا يكون لديهم، لكسب المعركة، الجيش الذى يديرون به الحرب، بل ولا الأرض التى تدور ص _٠٥٧
عليها الحرب، فيبذلون جهدهم فى اختراع هذه الأجهزة من العدم، والمشى بها حتى الغاية المنشودة.. إذا كان هناك فى الأزهر أو فى الزيتونة، أو فى القرويين، أو فى المسجد الحرام والمسجد المدنى من لا يزالون يقرءون القرآن قراءة ذات فهم موضعى محدود للنص ـ وليس موضوعيا ـ دون أن يعملوا هذا النص فى ما نزل من أجله، وفى ما أنزل على محمد ﷺ، فمعنى هذا أننا نريق الدواء على الأرض، ولا نحسن علاج المرضى بتعاطيه إنما يوم أن نجعل هذه المعاهد أو هذه المدارس بروح واحد يحركها من جديد لكى تفهم النص، وبدل أن تنقل النص فى افتتاح مدرسة عسكرية، فيفتتح الحفل بتلاوة آى الذكر الحكيم، كنوع من التقليد البعيد عما كان معروفا فى الأيام الأولى، أن يكون القرآن نفسه هو الذى أنشأ هذه المدرسة، وأودع روح القتال فى أبنائها.. وبدل أن نكتب: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) فى الجدار لافتة، يكون البناء التربوى، والإعداد العملى، والتخطيط الاقتصادى والعسكرى مبنيا على أن الأدوات تجمع، والأجهزة تحشد، ورباط الخيل الجديدة ـ الدبابات وغيرها ـ تعد. كل شىء يعد.. هذا هو معنى الجهاد، وفهم الجهاد من القرآن الكريم. الرسول عليه الصلاة والسلام علم وهو لا يزال فى المدينة وقبل أن يخرج أى جندى من جزيرة العرب، علم أن الله سيجعل رسالته تجتاز البحار، وأن من أمته من يقاتل فى البحر، فطلبت منه بنت ملحان أن تشارك فى هذا الغزو البحرى.. امرأة بفطرتها