النبى ـ ﷺ ـ منع به السفر فى البحر! " لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز فى سبيل الله " أو نحو ذلك.. فكيف جىء بهذا الحديث الذى رواه أبو داود؟ أنا رفضت هذا الحديث وقلت: إنه كلام غير صحيح.. كأن الأمة لم يكفها أنها قصرت فى فهم العمل حتى تريد إفساد المصدر الذي تأخذ منه المعرفة الدينية.. وكم من اعتماد موضوعات فى السنن النبوية سببت البلاء للأمة الإسلامية على هذا النحو. التعامل مع النصوص من خلال واقع التخلف قد تكون المشكلة الفكرية اليوم هى أننا نحمل تخلفنا أيضا لمواردنا الثقافية، فنفسر ميراثنا الثقافى من خلال واقع التخلف الذى نعيش فيه، فنصير نلجأ إلى لون من التفسير المتخلف أيضا، كنوع من التسويغ للواقع الذى نحن عليه، فننتقى بعض النصوص، ونعتمد على بعضها الآخر، وما إلى ذلك، دون النظر إلى صحتها من حيث السند، أو إلى الأبعاد المطلوب إدراكها، واستشعار المسئولية تجاهها، هذا لأنها توافق الحالة التى نحن فيها، وكأن هذه النصوص بدل أن تكون دافعا للتغيير، أصبحت مانعا منه، تُقرأ بمنهج مغلوط يكرس تخلف الأمة وسقوطها.. نعم.. خذ مثلا قضية الحديد.. آية الحديد، الظاهر فيها أن الله يريد أن يعلم المسلمين من ينصره بالغيب.. الدافع واضح من استخدام الحديد، لابد من نصرة الله بالغيب، فاستخدم الحديد فى صناعة السيوف أو الرماح. لكن الحديد اليوم أساس صناعة الدبابات.. أساس صناعة السفن فى البحار.. أساس صناعة المسدسات والمدافع.. أساس صناعات حربية هائلة، ما ينصر الله ورسله إلا بهذه الصناعة.. فأين هى من وعينا، وأين نحن من إعداد أسبابها؟! لا شىء.. بالعكس، لقد رأيت أن غيرنا حتى فى ميدن الفلاحة ـ وهو ميدان بدائى ـ استطاع أن يستثمر الأرض وأن يخرج منه القناطير المقنطرة، بينما لما وقعت الأرض فى أيدينا ما أحسنا أن نأكل منها! هذا بلاء كبير تقع فيه الأمة الإسلامية من سوء فهمها للقرآن.. ص _٠٦٠


الصفحة التالية
Icon