بأنها محتاجة إلى كذا وكذا، يمكن أن ص _٠٦٣
تخترع.. وقد أخترع محمد الفاتح أن تسير السفن على الأرض وهو يحاصر القسطنطينية، لأنه يتمتع بعقل عبقرى متفتح يريد أن يخدم الإسلام خدمة جعلته يكمل حصار القسطنطينية بالطريقة المبتكرة من عدم، فمن كان يتصور أن السفن تمشى على الأرض. الفقه بين دلالة القرآن وإصلاح الفقهاء، قد تكون المشكلة من وجه آخر، أن معظم العلماء والمفكرين المسلمين، تاريخيا، بسبب من الظروف السياسية التى أدت إلى انفصالهم عن الواقع ومتطلباته، أو لأى سبب آخر، صرفوا جهودهم كلها فى استنباط الحكم التشريعى من الآيات دون الوقوف عند الأهداف الكثيرة الأخرى التى جاءت الآيات من أجلها، وأنزلت للفت النظر إليها وإدراك أبعادها والتزامها فى الحياة، فجعلوا الآيات موضوع الدارسة هى آيات الأحكام التى وضعوا له أعدادا متقاربة (٣٠٠ ـ ٥٠٠)، أما ما وراء ذلك من آيات السنن والقوانين والشروط التى قد تكون أكثر أهمية وأولى بالنظر من حيث البناء الحضارى، وشروط القيام بأعباء الاستخلاف الإنسانى، فلم يعيروها أدنى اهتمام، أو الاهتمام الكافى على الأقل، وبقيت آيات القرآن الأخرى، على أهميتها، تتلى للتبرك، إلى درجة وصلت عند بعضهم وكأن القرآن كله أصبح كتابا لفقه آيات الأحكام فقط! حتى الآيات التى وردت لتبين أسباب سقوط الأمم وانهيار الحضارات ليأخذ المسلمون حذرهم، فلا تتسرب إليهم إصابات الأمم السابقة وعللها، جعلوها دليلا لصحة القياس التشريعى، بعيدا عن سياقها الأصلى! وتحضرنى بهذه المناسبة: الآية التى عقب القرآن لها على غزوة بنى النضير، فقال تعالى بعد ذكر الأسباب التى كانت وراء هلاكهم :( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) فجعلوا الآية دليلا على القياس التشريعى.. أما أسباب قيام وسقوط الحضارة فلم يكن لها من المساحة الفكرية والاهتمام ما تتطلبه. ص _٠٦٤