دولة الخلافة الراشدة دولة تمثل الإسلام تمثيلا هو الأقرب إلى عهد النبوة.. ولا شك أن سياسة الحكم، وسياسة ص _٠٦٥
المال، والمفاهيم العامة للحضارة الإسلامية، وللانطلاق الإسلامى استمرت بمسيرتها الصحيحة، وكان هذا الفهم مسيطرا على دولة الخلافة.. ثم حدث تحول ينبغى أن نقف بإزائه قليلا، لقد تحولت دولة الخلافة إلى ملك، وفى النظام الملكى الذى أقامه معاوية رضى الله عنه ـ ننصف الرجل فنقول ـ: أنه ظل وفيا لانتمائه الإسلامى وزعم أنه سوف يخدم الإسلام أكثر مما خدمه الخلفاء الراشدون، أو على الأقل أكثر من خصمه الأخير، على بن أبى طالب رضى الله عنه.. أنا أقدر منه على خدمة الإسلام. ومضى فى طريقه، فحدث تحول بيقين فى قضايا إسلامية مهمة وبدأ يتجمد الفقه السياسى والدستورى للدولة.. كما تجمد فقه العلاقات الاقتصادية والمالية. وبدأ يتجمد فقه العلاقات الدولية، كذلك.. هنا نجد الأئمة الذين قادوا الأمة علميا. وهم مشهورون: أبو حنيفة ومالك والشافعى وابن حنبل، وهم فقهاء، التزموا ناحية فروع الفقه، كما التزم المحدثون رواية السنن.. وغلب على هؤلاء وأولئك الرغبة فى ألا يصطدموا بالنظام القائم، لأن النظام القائم اصطدم به الخوارج، وهؤلاء ليس لديهم فقه، فنكل بهم النظام تنكيلا قطع دابرهم، وأيأس الناس من أن يكون هناك مجال لإصلاح سياسى بالمعنى الذى يعود بالأمة إلى دولة الخلافة.. واكتفى الأئمة بأنهم قبلوا الأمر الواقع، واستفاضوا فى شروح العبادات والمعاملات على النحو الذى وصل إلينا.. كان من ص _٠٦٦