الرؤية الموضعية.. والرؤية الموضوعية مشكلة العجز عن النظرة الشمولية للرؤية القرآنية، أدت إلى لون من تقطيع الصورة وتمزيقها، أو إلى التبعيض المورث للخزى الواقع فى حياتنا اليوم وكأنه صدى لقوله تعالى ـ ناعيا على بنى إسرائيل ـ " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا " نخشى أن تكون علل الأمم السابقة انتقلت إلينا، على الأقل من الناحية النظرية، فنحن لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، إلا أن النظرة الجزئية وأخذ بعض مقاصد الآية أو السورة وترك ما وراءها للتبرك والتلاوة، نخشى أن نكون وكأننا وقعنا فى هذا فعلا ـ على الرغم من ادعائنا الإيمان بالقرآن كله.. لكن أقول ـ من حيث المردود العملى لهذا القرآن وليس من فبيل الجانب النظرى، نحن نعيش الآن مرحلة التبعيض والتفاريق.. كيف يمكن أن نرسم الطريق لتحقيق الرؤية الشاملة والنظرة الموضوعية لا الموضعية؟ وهل تعتقدون أن الاقتصار على الجانب التشريعى، وإهمال بقية المقاصد، هو سقوط فى هذا التبعيض؟.. لو أمكن إيراد نماذج موضحة من القرآن الكريم. الذى أتصوره، أن تعاليم الإسلام نسيج متشابك، ملتحم بعضه مع بعضه الأخر، تختلط فيه العقيدة مع العبادة مع الأخلاق، مع أنواع المعاملات المختلفة.. ولقد لفت نظرى من قديم أن الأحكام الفرعية الجزائية المحدودة تجاورها أسماء الله الحسنى، وتختم بها الآيات ختاما يحتاج إلى التدبير العميق.. ففى سورة البقرة مثلا تقرأ قوله تعالى: ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم * لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم * للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم * وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ) ترى هنا أن جواب الشرط فى قوله تعالى :(وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) أغنى عن