المعنى وجئ بصفة من صفات الله تعالى تدل على هذا المعنى.. ص _٠٧٢
( إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) واضح أن الإخبار عن مسلك إنسانى بصفة إلهية فيه معنى المزج العجيب بين السلوك الإنسانى وبين العقيدة التى هى أساس فى الإسلام، لما وراءها من سلوك، أستطيع أن أفهم من هذا أن القرآن غذاء روحى مكتمل العناصر.. وكما أتناول على المائدة مجموعة من السكريات والنشويات والدهنيات وما إلى ذلك فى طعام واحد، أو فى أغذية واحدة، فى وجبة واحدة، فكذلك يتقدم القرآن إلينا برسالة حياة شاملة لا تدع جزءا منها إلا وتمتد إليه، ويجرى الوحى الإلهى خلال هذا النسق القرآنى كما تجرى الدماء داخل العروق؟ لتشمل الرأس والقدم.. الجهاز يدور فى كل شئ ليعطى الحياة كل شىء، وبذلك نستطيع أن نقول: إن الرؤية القرآنية لا يمكن إلا أن تكون حضارة كاملة.. فأخذه على أنه مجموعة قصص مثلا ودراسة فن القصة على أساس أن القرآن كله قصص لا يمكن أن يكون تصويرا صحيحا للقرآن.. وكذلك الأحكام الفقهية التشريعية، والمعتقدات الإلهية، والآيات التى تأمر بالنظر فى الكون، وآيات التربية، وما إلى ذلك من تعاليم إسلامية.. هى متماسكة فى عصارة واحدة تجمعها من أولها لآخرها، ومن المستحيل أن أنظر إلى القرآن النظرة الجزئية التى تجعلنى أعيش فى جانب منه وأنسى الجانب الآخر، كما لا يمكن أن يتكون الدم من كريات حمراء فقط، وبيضاء فقط، وبعض العناصر المعدنية فقط التى تسير فى الدم ولا يكون دما إلا بها.. لا يمكن إطلاقا أخذ جانب من القرآن وإهمال الجوانب الأخرى، لأنها جوانب يجر بعضها بعضا، متماسكا. فالنظرة الشاملة هى النظرة الصحيحة للدراسات القرآنية، ولا يمكن الرضى بنظرة جزئية.. والنظرة الجزئية، عندما سادت الفكر الإسلامى، نشأ عنها ما يشبه الجسم المشلول فى بعض أطرافه، أو فى بعض أجهزته مع بقاء أجهزة أخرى حية.. إنه لا يستطيع أن يؤدى وظيفته ما دام الشلل أو الخطر