ومعرفة الأغراض التى تدور حولها، يمكن أن تساهم أيضا بتكوين المنطلق الثقافى للرؤية الشاملة.. نحن أنفسنا روجنا لهذا الاتهام، ووقعنا بسبب النظرات الجزئية بمغالطات ومفارقات عجيبة. نماذج للنظر الجزئى: كنت أنظر أحيانا إلى طريقتنا فى فهم القرآن، فكنت أجد أنها طريقة تستحق التأمل، بمعنى: أنه لكى نقول: إن العمل الذى نؤديه هو من صنع الله، استدللنا بالقرآن: (والله خلقكم وما تعملون) ص _٠٧٥
انتزعنا هذه الآية من السياق كله لكى تدل على مذهب أهل السنة : إن العمل مخلوق لله! ونسينا أن هذا الكلام لو صح، ما كان عبدة الأصنام مسئولين! لأنهم إذا كانوا مخلوقين لله، وشركهم ووثنيتهم مخلوقة لله، فما عليهم من ذنب! لكن نحن أخذنا ظاهر الآية وقطعناها من سياقها، من قبل ومن بعد، وجعلناها هكذا دليلا لرأى باطل.. إنها آفة التجزيء. بعض الناس بلغت به النظرة الجزئية حدا جعلته يأخذ من صدر سورة براءة أن الإسلام دين هجوم.. وإذا سألتهم عن الدليل يقولون: قوله تعالى :( وقاتلوا المشركين كافة)، ويقف من ثم لا يكمل الآية، لأن إكمال الآية ( كما يقاتلونكم ). فأنت هنا ترد الهجوم الشامل بدفاع شامل.. وليس هناك ما يستدعى هذا، بل سميت آية السيف بذلك، من المستثنى قبل الاستثناء فى قوله تعالى في السورة نفسها: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم). وانتهى الأمر، أخذ منها البراءة المطلقة. أما الاستثناء الذى جاء ووضح حدود البراءة ومعناها والمجال الذى لا يجوز أن تتعداه وهو قوله تعالى: (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين) نسيناها، اعتبرنا المستثنى منه، وأصبح القتال عاما، بدون وعى للمعنى نفسه.. ومثال آخر: هناك آية عجزنا عن


الصفحة التالية
Icon