وسار معه..) ص _٠٧٧
(وقل إني أنا النذير المبين): على أن أنذركم بهذا الوحى، ولست مكلفا بأكثر من البلاغ الواضح الذى ينير الطريق لمن شاء المضى فيه. ولست بدعا من الرسل الذين سبقونى، فإن أهل الكتاب جاءتهم أنبياؤهم بالحق، كما جئتكم أنا يا معشر العرب بالحق.. لكن أهل الكتاب سارعوا إلى التكذيب، ونظروا فى القرآن نظرة ظالمة، رفضوا ما خالف هواهم، وسكتوا عن غيره. وجعلوا الوحى الصادق أقساما يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، (فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون). ومن العلماء من يرى مسلكهم هذا إنما كان فى كتبهم نفسها، كما قال فى سورة أخرى واصفا موقفهم من كتاب موسى: (تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير) وكأن لفظ القرآن هنا بمعناه اللغوى: أى القراءة.. ولا يزال أهل الكتاب على هذا الموقف المريب مما نزل عليهم وهو موقف يدور بين التحريف والتأويل، والكتمان والإهمال.. وكثير من المستشرقين والمبشرين يتعامل مع القرآن بالأسلوب نفسه الذى ألفوه مع كتبهم. وهناك مفسرون يجعلون المقتسمين طوائف من أهل مكة الذين يعبدون الأصنام، توزعوا على الطرق ينهون الناس عن الدخول فى الإسلام وتصديق محمد.. وقد أمر النبى بعدم الاكتراث بهؤلاء المكذبين الذين تفرقوا على أفواه السكك يأمرون بالمنكر: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) هؤلاء الكتابيون الذين نظروا إلى القرآن الكريم، فما وافق أهواءهم قبلوه، وما صادم شهواتهم رفضوه.. ولم يلمحوا منه إلا الجانب الذى يرضيهم أو ألفوه فى حياتهم، ورفضوا الجوانب الأخرى التى تصحح لهم هذه الحياة وتنقلهم من الحيرة ص _٠٧٨