الحالة التى جاءت من أجلها انتهت فى المجتمع العربى الأول - مجتمع الجزيرة العربية - فكيف يمكن أن يكون الإسلام خالدا مع هذا الاعتقاد؟ ص _٠٨٠
هناك أمران فى هذه القضية: الأمر الأول: هو أن المجتمع القديم الذي نزل فيه القرآن هو مجتمع بشرى، وأحواله صورة مما يعترى البشرية على امتداد الزمن إلى انتهاء الحياة. فالحكم فى أى صورة من هذه الصور هو حكم بطبيعته ممتد " لأنه ليس خاصا بهذه الصورة بل هو يتجدد مع كل صورة مشابهة لها إلى قيام الساعة. ومن هنا جاء الخلود. ثانيا: أن الصور التى أمامنا والتى تحدث فيها القرآن، هو لم يكن مجيبا لسؤال فقط بحيث أن القصة تنتهى بانتهاء فهم السائل لما سأل عنه، لا.. إن الإجابة تكون فيها توسعة وتناول لأمور أخرى كثيرة.. وكون أن سبب نزول الآية كذا، ننظر للآية، هل هى فعلا عندما تحدثت تناولت السبب ووقفت عنده.. السبب هو مفتاح لكنز من المعلومات بدأ ينساب مع هذا السبب.. وهذا الكنز من المعلومات الذى انفتح لنا بسبب سؤال فلان، أو حالة فلان، أو تطلب الوضع لحل، هو الذى جاء بهذه الخيرات كلها. ولذلك لا أنظر لسبب النزول إلا كأنه نوع من السبب الأدنى لهذه المعانى التى جاءت كلها. وفى تصورى أن البشرية لن تخلو على امتداد الزمن من نفس الحالات البشرية التى رأيناها خلال ربع قرن.. فخلال ربع قرن أمكن تقديم نماذج لما يصنعه الخصام واللدد، وما يصنعه الحب والعاطفة الإنسانية وهى تستقر، أو هى تهاجر.. ما يعترى كل إنسان فى أحواله.. كانت نماذج حول النبى عليه الصلاة والسلام، هى ـ النماذج ـ كأنها شخوص موفدة من الغيوب فى المستقبل لكى تسمع وترى ما تحتاج إليه فى الغد القريب والبعيد مما يقع فى أيام النبى عليه الصلاة والسلام. ولعل هذا سر أن الرسالة إنسانية.. ولو أن الإعجاز بخارق من خوارق العادات يخلق الإيمان، لما كان معنى للخلود، لأن الخارق للعادة ما قيمته إلا لمن نظروه وارتبطوا به؟ لكن الكتاب كتاب