والزعم بأن ١٢٠ آية من آيات الدعوة نسخت بآية السيف، هو حماقة غريبة دلت على أن الجماهير المسلمة فى أيام التخلف العقلى أو العلمى فى حضارتنا جهلوا القرآن، ونسوا بهذا الجهل كيف يدعون إلى الله وكيف يحركون الدعوة وكيف يضعون نماذج حسنة للعرض الحسن.. ولعل هذا من أسباب فشل الدعوة الإسلامية ووقوف هذه الدعوة فى أيام كثيرة عن أداء رسالتها، ظُنَّ أن السيف هو الذى يؤدى واجب التبليغ! وهذا باطل باتفاق العقلاء. فقصة النسخ، أو الحكم بتحنيط بعض الآيات، فهى موجودة ولكن لا تعمل، هذا باطل، وليس فى القرآن أبدا آية يمكن أن يقال إنها عطلت عن العمل، وحكم عليها بالموت.. هذا باطل.. كل آية يمكن أن تعمل، لكن الحكيم هو الذى يعرف الظروف التى يمكن أن تعمل فيها الآية، وبذلك توزع آيات القرآن على أحوال البشر بالحكمة والموعظة الحسنة. بالنسبة لسياق آية: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) ألا يفيد السياق بأن القضية قضية نسخ شرائع سابقة بشريعة جديدة؟ السياق قاطع بأنه لا مكان للقول بالنسخ التكليفى هنا.. والشيخ رشيد ذكر هذا الموضوع.. فالكلام في آية: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) هو كلام عن القدرة وليس عن أحكام تكلفية وإلا قال: (ألم تعلم بأن الله عليم حكيم ) مثلا بدل (قدير) وقوله تعالى: (أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ) قاطع فى أنه اقتراح آيات كونية. فما الذى سئله موسى من قبل؟ نريد أن نرى الله جهرة، نريد كذا وكذا، فهؤلاء يريدون آيات كونية أو خوارق عادات تثبت البرهنة على رسالة محمد عليه الصلاة والسلام. ، أما السياق من قبل فهو كلام فى بنى إسرائيل. يقول تعالى: (وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم