مؤمنين). ص _٠٨٥
بدأ الحديث إليهم بأنهم هم غير مؤمنين بما لديهم ولا بما لدى غيرهم، إلى أن قال جل شأنه (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم). فالكلام هنا واضح فى أن القرآن الكريم حين نزل، رحم الله به العرب وخصهم بفضله، وأعطاهم رسالة جديدة غير الكلام السابق الذى كان الأنبياء الأولون يتلقونه من الله ويؤيدهم فيه رفع الطور أحيانا وما كان يتم من معجزات. نزول القرآن، إلى جانب نسخ الآيات الكونية، هو نسخ لبعض شرائع أهل الكتاب.. القرآن نسخ بعض الشرائع القديمة من غير شك، وبدأ يشكل النفس البشرية من جديد، على طريقته فى إيقاظ مواهبها وقيادتها إلى الله : فليس فى القرآن تناقض إطلاقا.. كل آية لها سياقها الذى تعمل فيه.. شمول الرؤية القرآنية ـ الكون المادى والمعنوى: ولكى أوضح شمول القرآن الكريم، يجب أن أضرب مثلا لهذا الشمول يلقى عليه ضوءا فيتضح المقصود منه. إن القرآن الكريم يشبه الكون الكبير الذى نعيش فيه. بل إن اعتبار القرآن كونا معنويا يضارع الكون المادى الذى خلقه الله سبحانه وتعالى، لفت نظرى فى كتاب "نظرات فى القرآن " وأشرت إليه، واستشهدت بقول الله تعالى وهو يقسم بعظمة الكون على عظمة القرآن: (فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين) إنه يقسم بعظمة أحد الكونين على عظمة الآخر. الكون الذى نعيش فيه جعله الله مهادا لحياتنا، وملأه بالقوى الكثيرة والعناصر التى نتفقهها فى حياتنا، ويوجد علماء كثيرون تخصصوا فى هذه القوى والمرافق وينظر كل منهم إلى الكون من الزاوية التى تعنيه فمثلا الجيولوجى ينظر إلى الأرض وطبقاتها، ويضع من علم الجيولوجيا ميدانا لبحثه فى هذه الزاوية بالذات.. الفلكى ص _٠٨٦