الاقتصادية والدولية، تحديد كيفية تأثير تلك التطورات التاريخية على موقف الأئمة والتزامهم ناحية فروع الفقه، كما التزم المحدثون برواية السنن وقضايا الإسناد، ومن خلال هذا التطور التاريخى يسعى الشيخ الغزالى لأن يستعيد للفقه مكانته التى تأثرت سلبا بالواقع التاريخى ويكشف هنا عن ثنائيات تعارضت وما كان ينبغى لها ذلك فى ظل الإسلام، كثنائية الحكم والعلم، والفقه والتصوف، والتعارض بين الذين عكفوا على القرآن دون تتبع السنن، أو عكفوا على السنة دون التزام بموازين القرآن، وبمعنى آخر فإن المدارسة تكشف عن توجهات المتدارسين لتحقيق الاستقطاب الموحد لفعاليات الأمة الإسلامية وتوجهاتها ضمن إطار قرآنى جامع، يتجاوز الثنائيات المتعارضة ويتعالى على الجزئيات، وذلك بهدف تحقيق القرآن العظيم لحضارة كاملة: ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) ومن هذا المنطلق جاء التوجه لتأسيس التفسير الموضوعى للقرآن، وبالنظر للسورة القرآنية على أنها وحدة كاملة وانتقاد النظريات التجزيئية. وقد تعرضت المدارسة فى أحد جوانبها إلى قضية (النسخ) فى القرآن، حيثما فسر بعض العلماء النسخ: بأنه انتهاء أحكام بعض الآيات، أو رفعها، وقد انتقدت المدارسة هذا التعريف ورفضته، استدلالا بسياق الآيات وترابطها، وبأقوال بعض العلماء كالشيخ محمد رشيد رضا، والأستاذ محمد الخضر حسين، بأن النسخ يتجه إلى خرق ما كان من معجزات حسية، وقد فرقت المدارسة بين الآيات التكليفية والآيات التكوينية، معتقدة أن النسخ ينحصر فى الآيات التكوينية ولا ينصرف إلى الآيات التكليفية، فالنسخ بهذا المعنى يتناول مرحلة تاريخية نسخت ولا ينصرف إلى آيات تكليفية نسخت، ويعتبر هذا الفهم العلمى مجالا لدراسة أخرى حول الأديان المقارنة، والتشريعات الدينية فى سياق التطور التاريخى للبشرية. ص _٠١٠


الصفحة التالية
Icon