نسقا يحتذى فى الأهداف الإنسانية التى وجه إليها.. ما تحدث فى العدالة الاجتماعية إلا الصعاليك.. ما تحدث فى الطبيعة البشرية وتكلم فيها بشىء من الأناة والصبر، إلا ناس مجاهيل.. لقد استغربت أن يضع أبو تمام فى ديوان الحماسة فى باب الهجاء هذه الأبيات الثلاثة: دربت للمجد والساعون قد بلغوا جهد النفوس وألقوا دولة الأزرا فكابروا المجد حتى مل أكثرهم وعانق المجد من أوفى ومن صبرا لا تحسب المجد تمرا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا إذا لم توضع هذه الأبيات فى باب التربية، وفى باب الأدب، فأين توضع؟ أيجوز أن توضع فى باب الهجاء. هناك أمور لابد من النظر إليها ونحن على أبواب صحوة نستطيع أن نتعرف كيف تكون الفنون التى تداعب العاطفة وتوقظ الوجدان، كما نستطيع أن نضع أقدامنا على دروب الحياة التى تتعامل مع الكون، وكتابنا هو الكتاب السماوى الوحيد الذى تحدث عن الكون، حتى أن رجلا ليس من علماء الدين ولا صلة له بالثقافة الإسلامية فى صدر حياته مثل العقاد، يكتب: "التفكير فريضة إسلامية"!. وحتى أن مثل هذا ينظر فيه الدكتور راشد المبارك فيقول: هناك ظاهرتان: "الظاهرة الأولى : هى أن مادة فكر لم تكن ذات تكرر، بل ليس لها ورود فى أكثر ما وصل إلينا من التراث الجاهلى شعره ونثره. ومع الإدراك التام أن عدم وجود هذه المادة لا يعنى انتفاء ورود مدلولها، أو إعمال هذا المدلول، إلا أن ذلك لا يكفى لإسقاط الدلالة فى تلك الظاهرة أو استشكالها، ما دامت اللغة هى وعاء الفكر مكتوبا أو ملفوظا. الظاهرة الثانية: تكرر ملفت للنظر لمادة فكر، بلفظه أو معناه، حيث وردت هذه المادة بصيغة الماضى أو المضارع فى نحو ثمانية عشر موضعا، وجاءت الدعوة إلى النظر بمعنى الفكر والتأمل فى أكثر من أربعة وثلاثين موضعا ".. وقلت: إننى أحصيت كلمة "أولى الألباب " فى القرآن فى ستة عشر موضعا.. والعقاد بدأ كتابه "التفكير فريضة إسلامية " بنحو قريب من الثلاثمائة


الصفحة التالية
Icon