صفحة رقم ١١٤
وقال الحرالي : ثم أقبل الخطاب على بني إسرائيل منتظماً بابتداء خطاب العرب من قوله :( يا أيها الناس ( وكذلك انتظام القرآن إنما ينتظم رأس الخطاب فيه برأس خطاب آخر يناسبه في جملة معناه وينتظم تفصيله بتفصيله، فكان أول وأولى من خوطب بعد العرب الذين هم ختام بنو إسرائيل الذين هم ابتداء بما هم أول من أنزل عليهم الكتاب الأول من التوراة التي افتتح الله بها كتبه تلو صحفه وألواحه.
ثم قال : لما انتظم إقبال الخطاب على العرب التي لم يتقدم لها هدى بما تقدمه من الخطاب للنبي ( ﷺ ) انتظم بخطاب العرب خطاب بني إسرائيل بما تقدم لها من هدى في وقتها ) ) إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ( ) [ المائدة : ٤٤ ] وبما عهد إليها من تضاعف الهدى بما تقدم لها في ارتقائه من كمال الهدى بمحمد ( ﷺ ) وبهذا القرآن، فكان لذلك الأولى مبادرتهم إليه حتى يهتدي بهم العرب ليكونوا أول مؤمن بما عندهم من علمه السابق - انتهى.
البقرة :( ٤٠ - ٤٢ ) يا بني إسرائيل.....
) يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ( ( )
وابتدأ سبحانه بتذكيرهم بما خصهم به عن النوع الآدمي من النعم التي كانوا يقابلونها بالكفران وما عاملهم به من إمهالهم على مرتكباتهم ومعاملتهم بالعفو والإقالة مما يبين سعة رحمته وعظيم حلمه، وابتدأ من أوامرهم بالإيفاء بالعهود التي من أعظمها متابعة هذا النبي الكريم والإيمان بكتابه الذي نفى عنه الريب فقال :( يا بني إسرائيل ) أي الذي شرفته وشرفت بنيه من أجله ) اذكروا ( من الذكر بالكسر والضم بمعنى واحد يكونان باللسان وبالجنان، وقال الكسائي : هو بالكسر باللسان وبالضم بالقلب، والذي بالقلب ضده النسيان، والذي باللسان ضده الصمت - نقله الأصفهاني.
وقال الحرالي : من الذكر وهو استحضار ما سبقه النسيان.
) نعمتي ( وهي إنالة الشخص ما يوافق نفسه وبدنه وعند المتفطن ما يوافق باطنه وظاهره مما بين قلبه وشعوبه من أهله وحشمه ) التي ( تي منها إشارة لباطن نازل متخيل مبهم تفسره صلته بمنزلة ذي وال منها إشارة لذلك المعنى بالإشارة المتخيلة - انتهى ) أنعمت ) أي بها وجللت على شرفها بإضافتها إلى ) عليكم ( وتلك النعمة الشريفة هي الإتيان بالهدى من الكتب والرسل الذي استنقذتكم به من هوان الدنيا والآخرة ) وأوفوا ( من الوفاء وهو عمل لاحق بمقتضى تقدم علم سابق - قاله الحرالي.
) بعهدي ) أي الذي أخذته عليكم في لزوم ما أنزل إليكم من متابعة نبيكم و من آمَرَكم باتباعه من بعده، والعهد التقدم في الشيء خفية


الصفحة التالية
Icon