صفحة رقم ١٦٩
الاستئناف معظماً لها بقوله حكاية عنهم ) قالوا أتتخذنا هزواً ) أي مكان هزء ومهزوءاً بنا حين نسألك عن قتيل فتأمرنا بذبح بقرة، فجمعوا إلى ما أشير إليه من إساءتهم سوء الأدب على من ثبتت رسالته بالمعجزة فرد كلامه كفر، فذكرهم بما رأوا منه من العلم بالله المنافي للهزء بأن قال ) أعوذ بالله ) أي أعتصم بمن لا كفوء له من ) أن أكون من الجاهلين ( فإنه لا يستهزئ إلا جاهل، والعوذ اللجاء من متخوَّف لكاف يكفيه، والجهل التقدم في الأمور المنبهمة بغير علم - قاله الحرالي.
) قالوا ( تمادياً في الغلظة ) ادع لنا ربك ) أي المحسن إليك فكان تخصيصهم له بالإضافة غاية في الجفاء ( يبين ) من التبيين وهو اقتطاع الشيء، والمعنى مما يلابسه ويداخله - قاله الحرالي.
والمراد المبالغة في البيان بما يفهمه صيغة التفعيل ( لنا ما هي ) تلك البقرة ( قال إنه يقول ).
ولما كانوا يتعنتون أكد فقال ) إنها بقرة لا فارض ) أي مسنة فرضت سنها أي قطعتها ) ولا بكر ) أي فتية صغيرة ) عوان ) أي نصف وهو خبر مبتدأ محذوف، وبين هذا الخبر بقوله ) بين ذلك ) أي سني الفارض والبكر ) فافعلوا ما تؤمرون ( فإن الاعتراض على من يجب التسليم له كفر فلم يفعلوا بل سألوا بيان اللون بعد بيان السن بأن ) قالوا ادع لنا ربك ( تمادياً في الجفاء بعدم الاعتراف بالإحسان ) يبين لنا ما لونها ( بعد بيان سنها، واللون تكيف ظاهر الأشياء في العين - قاله الحرالي.
) قال ( وأكد لما مضى من تلددهم فقال ) إنه يقول ( وأكد إشارة إلى مزيد تعنتهم فقال ) إنها بقرة صفراء ( وأكد شدة صفرتها بالعدول عن فاقعة إلى قوله معبراً باللون ) فاقع لونها ) أي خالص في صفرته.
قال الحرالي : نعت تخليص للون الأصفر بمنزلة قانئ في الأحمر فهي إذن متوسطة اللون بين الأسود والأبيض كما كانت متوسطة السن، ) تسر الناظرين ) أي تبهج نفوسهم بأنك إذا نظرت إليها خيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها - قاله وهب ) قالوا ادع لنا ربك ( المحسن إليك بالإجابة في كل ما سألته ) يبين لنا ما هي ( ثم عللوا تكريرهم لذلك بقولهم ) إن البقر ) أي الموصوف بما قدمته ) تشابه ) أي وقع تشابهه ) علينا ( وذكر الفعل لأن كل جمع حروفه أقل من حروف واحدة فإن العرب تذكره نقل عن سيبويه ؛ ثم أدركتهم العناية فقالوا ) وإنا إن شاء الله ) أي الذي له صفات الكمال وأكدوا لما أوجب توقفهم من ظن عنادهم وقدموا التبرك بالمشية لذلك على خبر إن ) لمهتدون ) أي إلى المراد فتبركوا بما لا تكون بركة إلا به قال إنه يقول إنها ) أي هذه البقرة التي أطلتم التعنت في أمرها ) بقرة لا ذلول ( من الذل وهو حسن الانقياد -


الصفحة التالية
Icon