صفحة رقم ١٨٧
فملؤوها إلى فوق، وقال لهم : اغرفوا الآن وناولوا رئيس السقاة، فلما ذاق رئيس السقاة ذلك الماء المتحول خمراً لم يعلم من أين هو، فدعا رئيس السقاة العريس وقال له : كل إنسان إنما يأتي بالشراب الجيد أولاً فإذا سكروا عند ذلك يأتي بالدون وأنت أبقيت الجيد إلى الآن هذه الآية الأولى التي فعلها يسوع في قانا الجليل وأظهر مجده وآمن به تلاميذه.
وبعد هذا انحدر إلى كفرناحوم هو وأمه وإخوته وتلاميذه فأقاموا هناك أياماً يسيرة ؛ ثم قال : وعلم السيد يسوع أن الفريسيين سمعوا أنه قد اتخذ تلاميذ كثيرة وأنه يعمد أكثر من يوحنا إذ ليس هو يعمد بل تلاميذه فترك اليهودية ومضى إلى الجليل وكان قد أزمع أن يعبر على موضع السامرة، فأقبل إلى مدينة السامرة التي تسمى بسوخار إلى جانب القرية التي كان يعقوب وهبها ليوسف ابنه وكان هناك بئر يعقوب وكان يسوع قد عيى من تعب الطريق، فجلس على البئر في ست ساعات، فجاءت امرأة من السامرة تستقي ماء، فقال لها يسوع أعطيني أشرب - وكان تلاميذه قد دخلوا إلى المدينة ليبتاعوا لهم طعاماً - فقالت له تلك المرأة : كيف وأنت يهودي تستقي الماء وأنا امرأة سامرية واليهود لا يختلطون بالسامرة أجاب يسوع وقال لها : لو كنت تعرفين عطية الله ومن هذا الذي قال لك : ناوليني أشرب، لكنت أنت تسألينه أن يعطيك ماء الحياة قالت المرأة : يا سيد إنه لا دلو لك والبئر عميقة فمن أين لك ماء الحياة ؛ لعلك أعظم من أبينا يعقوب الذي أعطانا هذه البئر ومنها شرب هو وبنوه وماشيته فقال لها : كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً، فأما من يشرب من الماء الذي أعطيه لا يعطش إلى الأبد، قالت المرأة : يا سيد أعطني من هذا الماء لئلا أعطش ولا أجيء ولا أستقي من ههنا، فقال : انطلقي وادعي زوجك وتعالي إلى ههنا، قالت : ليس لي زوج، قال لها : حسناً قلت : إنه لا بعل لي، لأنه قد كان لك خمسة بعولة والذي هو لك الآن ليس هو زوجك، أما هذا فحقاً قلت، قالت : يا سيد إني أرى أنك نبي، آباؤنا سجدوا في هذا الجبل وأنتم تقولون : إنه ياروشليم المكان الذي ينبغي أن يسجد فيه، قال : أيتها المرأة آمني به، إنه ستأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في يروشليم يسجدون للأب، أنتم تسجدون لما لا تعلمون ونحن نسجد لما نعلم، لكن ستأتي ساعة وهي الآن لكيما الساجدون المحقون يسجدون بالروح والحق، والرب إنما يريد مثل هؤلاء الساجدين، والذين يسجدون له بالروح والحق ينبغي أن يسجدوا، قالت المرأة : قد علمت أن مَسيا الذي هو المسيح يأتي، فإذا جاء ذاك فهو يعلمنا كل شيء، فقال : أنا هو الذي أكلمك وفي هذا جاء تلاميذه وتعجبوا من كلامه مع امرأة ولم يقل أحد : ماذا تريد ولم تكملها فتركت المرأة جرّتها ومضت إلى المدينة وقالت للناس : تعالوا انظروا رجلاً أعلمني كل