صفحة رقم ١٨٨
ما فعلت، لعل هذا هو المسيح، فخرجوا من المدينة وأقبلوا نحوه ؛ وفي هذا سأله تلاميذه قائلين : يا معلم كل، فقال : إن لي طعاماً لا تعرفونه أنتم، فقالوا فيما بينهم : لعل إنساناً وافاه بشيء فطعمه، فقال : طعامي أنا أن أعمل مسرة من أرسلني وأتم عمله أليس أنتم تقولون : إن الحصاد يأتي بعد أربعة أشهر، وأنا قائل لكم : ارفعوا أعينكم وانظروا إلى الكور قد ابيضت وبلغت الحصاد، والذي يحصد يأخذ الأجرة ويجمع ثمار الحياة الدائمة، والزارع والحاصد يفرحان معاً، لأنه في هذا توجد كلمة الحق، إن واحداً يزرع وآخر يحصد، أنا أسألكم تحصدون شيئاً ليس أنتم تعبتم فيه بل آخرون تعبوا فيه وأنتم دخلتم على تعب أولئك ؛ فآمن به في تلك المدينة سامريون كثيرون من أجل كلمة تلك المرأة، ولما صار إليه السامريون طلبوا إليه أن يقيم عندهم، فمكث عندهم يومين فآمن به كثير، وكانوا يقولون للمرأة : لسنا من أجل قولك نؤمن به لكنا قد سمعنا وعلمنا أن هذا هو المسيح بالحقيقة مخلص العالم.
وبعد يومين خرج يسوع إلى الجليل ومضى من هناك، لأنه شهد أن النبي لا يكرم في مدينته، ولما صار إلى الجليل قبله الجليليون، لأنهم عاينوا كل ما عمل بايروشليم في العيد ؛ ثم جاء يسوع حيث صنع الماء خمراً وكان في كفرناحوم عند الملك ابن مريض فسمع أن يسوع قد جاء من يهودا إلى الجليل، فمضى إليه وسأله أن ينزل ويبرئ ولده، لأنه قد كان قارب الموت، فقال له يسوع : إن لم تعاينوا الآيات الأعاجيب لا تؤمنون، فقال له الملك : انزل يا سيد قبل أن يموت فتاي، قال له يسوع : امض فابنك حي، فآمن الرجل بالكلمة التي قالها يسوع ومضى، وفيما هو ماض استقبله علمانه وبشروه بأن ا بنه قد عاش، فسألهم : في أي وقت ؟ فقالوا له : أمس في الساعة السابعة تركته الحمى، فعلم أبوه أنه في تلك الساعة التي قال له يسوع فيها : إن ابنك قد حيي، فآمن هو وبيته بأسره ؛ وهذه أيضاً آية ثانية عملها يسوع لما جاء من يهودا إلى الجليل.
قال مرقس : فأقبل غلى كفرناحوم وبقي يعلم في مجامعهم يوم السبت، فتعجبوا من تعليمه لأنه كان كالمسلط.
قال متى : وكان يسوع يطوف في كل الجليل ويعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت ويبرئ كل برص ووجع في الشعب، فخرج خبره في جميع الشام فقدم إليه كل من به أصناف الأمراض والأوجاع المختلفة والذين بهم الشياطين والمعترين في رؤوس الأهلة والمخلعين فأبرأهم، وتبعه جموع كثيرة من الجليل والعشرة المدن ويروشليم واليهودية وعبر الأردن، فلما أبصر الجميع صعد إلى الجبل وجلس، وجاء إليه تلاميذه وفتح فاه يعلمهم قائلاً : طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السماوات، طوبى للحزانى فإنهم يعزون، طوبى للمتواضعين فإنهم يرثون الأرض، طوبى للجياع والعطاش من أجل