صفحة رقم ٢٠٣
كأنه قال : لم لا يزحزحهم عن التعمير عن العذاب ؟ ) قل ) أي لهؤلاء الذين ادعوا أن دار الملك خالصة لهم وهم يعادون خواص جنده ) من ( وهي اسم مبهم يشمل الذوات العاقلة آحاداً وجموعاً واستغراقاً - قاله الحرالي :( كان عدواً لجبريل ) أي فإنه لا يضر غلا نفسه، لأنه لا يبلغ ضره بوجه من الوجوه ولعداوته بعداوته له لله الذي خصه بقربه واختياره لرسالته، فكفر حينئذ هذا المعادي له بجميع كتب الله ورسله ؛ وجبريل قال الحرالي : يقال هو اسم عبودية، لأن إيل اسم من أسماء الله عز وجل في الملأ الأعلى وهو يد بسط لروح الله في القلوب بما يحييها الله به من روح أمره إرجاعاً إليه في هذه الدار قبل إرجاع روح الحياة بيد القبض من عزرائيل عليه السلام - انتهى.
ثم علل هذا الخبر المحذوف بما أرشد إليه فقال :( فإنه ) أي جبريل ) نزله ) أي القرآن الذي كفروا به، لحسدهم للذي أنزل عليه بعد ما كانوا يستفتحون به.
الآتي بما ينفعهم، الداعي إلى ما يصلحهم فيرفعهم، ولما كان المراد تحقيق أنه كلام الله وأنه أمر بإبلاغه جمع بين ) قل ( وبين ) على قلبك ) أي وهو أكمل القلوب، دون أن يقال : على قلبي - المطابق لقل ؛ وأداة الاستعلاء دالة على أن المنزل تمكن في القلب فصارت مجامعه مغمورة به، فكان مظهراً له ) بإذن الله ( الملك الأعظم الذي له الأمر كله.
فليس لأحد إنكار ما أذن فيه.
والنازل به لم يتعد شيئاً مما أمر به ؛ والإذن رفع المنع وإيتاء المكنة كوناً وخلقاً ما لم يمنعه حكم تصريف - قاله الحرالي :( مصدقاً لما بين يديه ( من كتب الله التي أعظمها كتابهم.
فكانوا أحق الناس بالإيمان به وكان جبريل عليه السلام أحق الملائكة لمحبتهم له لإنزاله، وكان كفرهم به كفراً بما عندهم، فلا وجه لعداوتهم له ؛ والبين حد فاصل في حس أو معنى - قاله الحرالي :( وهدى ( إلى كل خير، لأنه بيان ما وقع التكليف به من أفعال القلوب والجوارح ) وبشرى ) أي ببيان الثواب ) للمؤمنين ) أي الذين لهم الإيمان وصف لازم، فلا يفرقون بين كتب الله ولا بين رسله، بل حيثما قادهم الحق انقادوا ؛ فلا يدخل في ذلك الذين آمنوا بألسنتهم
٧٧ ( ) فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ( ) ٧
[ البقرة : ٨٩ ] ولا من علم الله منه ذلك ولو كان قبل مبعثه ( ﷺ ) - الله أعلم بما كانوا عاملين ؛ فلو أنهم مؤمنون لماعادوا من نزل به بشرى لهم ولكنهم كفرة فهم في العذاب، والآخرة ليست لهم بل عليهم.
ولما كانت عداوة واحد من الحزب لكونه من ذلك الحزب عداوة لجميع ذلك الحزب تلاه بقوله :( من كان عدواً لله ( ذي الجلال والإكرام لعداوته واحداً من أ وليائه لكونه من أوليائه ) وملائكته ( النازلين بأمره ) ورسله ( من البشر وغيرهم، وخص من بينهم بالذكر من حباه بالفضل فقال :( وجبريل وميكال (، فإنه قد كفر فأهلك نفسه بكفره، وعلى ذلك دل قوله :( فإن الله ( الملك الأعلى :( عدو للكافرين ( حيث أظهر


الصفحة التالية
Icon