صفحة رقم ٢٠٤
ولم يضمر، وعبر بالوصف اللازم صرفاً للخطاب عمن يتعظ منهم فيرجع فلا تلحقه المعاداة لذلك ؛ وميكال يقال هو اسمعبودية أيضاً وهو يد بسط للأرزاق المقيمة للأجسام كما أن إسرافيل يد بسط للأرواح التي بها الحياة - قاله الحرالي.
ولما فرغ من ترغيبهم في القرآن بأنه من عند الله وأنه مصدق لكتابهم وفي جبريل بأنه الآتي به بإذن الله ومن ترهيبهم من عداوته أتبعه مدح هذا القرآن وأنه واضح الأمر لمريد الحق وإن كفر به منهم أو من غيرهم فاسق أي خارج عما يعرف من الحق فإنه بحيث لا يخفى على أحد فقال تعالى - عطفاً على قوله :( ) فإنه نزله على قلبك بإذن الله ( ) [ البقرة : ٩٧ ]، أو قوله :( ) ولقد جاءكم موسى بالبينات ( ) [ البقرة : ٩٢ ]، أو على ما تقديره : فلقد بان بهذا الذي نزله جبريل عليه السلام أن الآخرة ليست خالصة لهم وأنهم ممن أحاطت به خطيئته لكفره - :( ولقد أنزلنا ( بعظمتنا في ذلك وغيره ) إليك ( وأنت أعظم الخلق ) آيات بينات ( في الدلالة على صدقك وصحة أمرك، والبينة الدلالة الفاصلة بين القصة الصادقة والكاذبة، ففسقوا بكفرهم بها ) وما يكفر بها ( منهم ومن غيرهم ) إلا الفاسقون ( الذين الفسق لهم صفة لازمة، وعن الحسن أن الفسق إذا استعمل في نوع من المعاصي وقع على أعظمه من كفر وغيره وفي ذلك رجوع غلى وصف الكتاب الذي هو مقصود السورة.
ولما أنكر عليهم أولاً ردهم للرسل لأمرهم بمخالفة الهوى في قوله :( ) أفكلما جاءكم رسول ( ) [ البقرة : ٨٧ ] وأتبعه بما يلائمه إلى أن ختم بأن آيات هذا الرسول من الأمر البين الذي يشهد به كتابهم وقد أخذ عليهم العهد باتباعه كما أرشد إلى قوله تعالى :( ) فإما يأتينكم مني هدى ( ) [ البقرة : ٣٨ ] الآية، أنكر عليهم ثانياً كفرهم بما أتى به الرسل بقوله :( أو كلما عاهدوا عهداً نبذه ) أي طرحه محتقراً له ) فريق منهم ) أي ناس شأنهم السعي في الفرقة.
ولما كان هذا متردداً بين التقليل والتكثير لتردد التنوين بين التعظيم والتحقير رد احتمال التقليل بقوله :( بل ) أي وليس الفريق الكافر بالنبذ أقلهم بل ) أكثرهم لا يؤمنون ( حالاً ولا مالاً.
البقرة :( ١٠١ - ١٠٥ ) ولما جاءهم رسول.....
) وَلَمَّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ