صفحة رقم ٢٠٥
أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انْظُرْنَا وَاسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ٧٣
( ) ٧١
ثم أتبع هذا الإنكار ذكر الكاب والرسول كما فعل في الإنكار الأول غير أنه صرح هنا بما طواه هناك فقال :( ولما جاءهم رسول ) أي عظيم محيطة دعوته بما أشعر به الاسم الأعظم في قوله ) من عند الله ) أي الملك الذي له جميع الملك والأمر ) مصدق لما معهم ( لكونه أتى بكتاب محقق أنه من عند الله لإعجاز نظمه وتصديق معناه لكتابهم ) نبذ ) أي رمى رمي استخفاف ) فريق من الذين أوتوا الكتاب ( الأول ) كتاب الله ( الملك الأعلى الذي أخذ عليهم فيه الميثاق على لسان نبيهم باتباع النبي الأمي أسوأ النبذ بجعله لاستخفافهم به ) وراء ظهورهم ( بتركهم العمل به وإن حلوه بالذهب ووضعوه على الكراسي بين أيديهم.
وأشعر بعنادهم بقوله :( كأنهم لا يعلمون ( ولما كانت سنة الله جارية بأنه ما أمات أحد سنة إلا زاد في خذلانه بأن أحيى على يده بدعة أعقبهم نبذهم لكلام الله أولى الأولياء إقبالهم على كلام الشياطين الذين هم أعدى الأعداء فقال تعالى :( واتبعوا ما تتلوا ) أي تقرأ أو تتبع، وعبر بالمضارع إشارة إلى كثرته وفشوه واستمراره ) الشياطين على ملك ) أي زمن ملك ) سليمان ( من السحر الذي هو كفر.
قال الحرالي : من حيث إن حقيقته أمر يبطل بذكر اسم الله ويظهر أثره فيما قصر عليه من التخييل والتمريض ونحوه بالاقتصار به من دون اسم الله الذي هو كفر - انتهى.
وكأن السحر كان في تلك الأيام ظاهراً عالياً على ما يفهمه التعبير بعلى، وأحسن من هذا أن يضمن ) تتلوا ( تكذب، فيكون التقدير : تتلو كذباً على ملكه، كما أشار إليه ما رواه البغوي وغيره عن الكلبي وكذا ما روي عن السدي، وقال أبو حاتم أحمد بن حمدان الرازي في كتاب الزينة : وروى في الحديث :( أنه لما مات سليمان عليه السلام عمدت الشياطين فكتبت أصناف السحر : من كان يحب أن يبلغ كذا فليفعل كذا، وجعلوه في


الصفحة التالية
Icon