صفحة رقم ٢٠٦
كتاب ثم ختموه بخاتم سليمان وكتبوا في عنوانه : هذا كتاب آصف بن برخيا الصديق لسليمان بن داود عليهما السلام من ذخائر كنوز العلم، ثم دفنوه تحت كرسيه ؛ فاستخرجه بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حين أحدثوا ما أحدثوا، فلما عثروا عليه قالوا : ما كان ملك سليمان إلا بهذا، فأفشوا السحر في الناس، فليس هو في أحد أكثر منه في يهود ) انتهى.
وسليمان - على ما ذكر في أول إنجيل متّى أثناء إنجيل لوقا - هو ابن داود بن لَسَّى ابن عونيد بن باعاز بن سلمون بن يصون بن عميناداب بن أرام بن يورام بن حصرون بن فارض بن يهودا بن يعقوب بن غسحاق بن إبراهيم عليهم السلام والحاصل أنهم مع تركهم للكتب المصدقة لما معهم، الكفيلة بكل هدى وبركة، الآتية من عند الله المتحبب إلى عباده بكل جميل، على ألسنة رسله الذين هم أصدق الناس وأنصحهم وأهداهم، لا سيما هذا الكتاب المعجز الذين كانوا يتباشرون بقرب زمن صاحبه، اتبعوا السحر الذي هو أضر الأشياء وأبشعها، الآتي به الشياطين الذين هم أعدى الأعداء وأفظعها، وأعجب ما في ذلك أنهم نسبوا السحر إلى سليمان عليه السلام كذباً وفجوراً وكفروه به ثم كانوا هم أشد الناس تطلباً له ومصاحبة علماً وعملاً وأكثر ما يوجد فيهم، فكانوا بذلك شاهدين على أنفسهم بالكفر ؛ ومن المحاسن أيضاً أنه لما كان قوله :
٧٧ ( ) ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل ( ) ٧
[ البقرة : ٨٧ ] وما بعده في الكتب والأنبياء والرسل من البشر والملائكة كتنت فذلكته أن الكفرة من أهل الكتاب نبذوا ذلك كله ونابذوه وأقبلوا على السحر الذي كان إبطاله من أول معجزات نبيهم وأعظمها ؛ فهو أشد شيء منافاة لشرعهم مع علمهم بأن ذلك يضرهم في الدارين ولا ينفعهم.
ولما اعتقد أهل الكتاب بعد موت سليمان عليه السلام أن السحر منه، وأن انتظام ملكه على الإنس والجن والطير والوحش والريح إنما كان به، نفى الله تعالى ذلك عنه بقوله :( وما كفر سليمان (، قال الحرالي : يقال هو من السلامة، فإنه من سلامة صدره من تعلقه بما خوله الله تعالى من ملكه
٧٧ ( ) هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر ( ) ٧
[ النمل : ٤٠ ] وهو واحد كمال في ملك العالم المشهود من الأركان الأربعة وما منها من