صفحة رقم ٢١٨
ففيها لذلك جوامع ينتظم بعضها ببعض أثر تفاصيله خلالها في سنامية معانيها وسيادة خطابها نحواً من انتظام آي سورة الفاتحة المنتظمة من غير تفصيل وقع أثناءها ليكون بين المحيط الجامع والابتداء الجامع مشاكلة مّا - انتهى.
ولما كان رسخ ما ذكره سبحانه من تمام قدرته وعظيم مملكته وما أظهر لذاته المقدس من العظم بتكرير اسمه العلم وإثبات أن ما سواه عدم فتأهلت القلوب للوعظ صدعها بالتأديب بالإنكار الشديد فقال :( أم ) أي أتريدون أن تردوا أمر خالقكم في النسخ أم ) تريدون أن ( تتخذوا من دونه إلهاً لا يقدر على شيء بأن ) تسألوا رسولكم ( أن يجعل لكم إلهاً غيره ) كما سئل موسى ( ذلك.
ولما كان سؤالهم ذلك في زمن يسير أثبت الجار فقال :( من قبل ) أي قبل هذا الزمان إذ قال قومه بعد ما رأوا من الآيات وقد مرّوا بقوم يعكفون على أصنام لهم :
٧٧ ( ) اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ( ) ٧
[ الأعراف : ١٣٨ ] وقالوا :
٧٧ ( ) أرنا الله جهرة ( ) ٧
[ النساء : ١٥٣ ].
وقالوا :
٧٧ ( ) لن نصبر على طعام واحد ( ) ٧
[ البقرة : ٦١ ] وكانوا يتعنتون عليه في أحكام الله بأنواع التعنتات كما تقدم.
و ( الإرادة ) في الخلق نزوع النفس لباد تستقبله - قاله الحرالي.
وأدل دليل على ما قدرته قوله عطفاً على ما تقديره : فيكفروا فإنه من سأل ذلك فقد تبدل الكفر بالإيمان ) ومن يتبدل الكفر بالإيمان ) أي يأخذ الكفر بدلاً من الإيمان بالإعراض عن الآيات وسؤال غيرها أو التمسك بما نسخ منه، وعبر بالمضارع استجلاباً لمن زل بسؤال شيء من ذلك إلى الرجوع بالتوبة ليزول عنه الاستمرار فيزول الضلال ) فقد ضل سواء السبيل ) أي عدله ووسطه فلم يهتد إليه وإن كان في بينات منه، فإن من حاد عن السواء أوشك أن يبعد بعداً لا سلامة معه
٧٧ ( ) وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ( ) ٧
[ الأنعام : ١٥٣ ] وكثيراً ما كان يتزلزل طوائف من الناس عند تبدل الآيات وتناسي الأحكام وبحسب ما يقع في النفس من تثاقل عنه أو تحامل على قبوله يلحقه من هذا الضلال عن سواء هذا السبيل ؛ وفيه إشعار بأن الخطاب للذين ىمنوا، لأن المؤمنين المعرفين بالوصف لا يتبدل أحوالهم من إيمان الكفر، لأن أحداً لا يرتد عن دينه بعد أن خالط الإيمان بشاشة قلبه
٧٧ ( ) فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ( ) ٧
[ البقرة : ٢٥٦ ]
٧٧ ( ) ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى ( ) ٧
؛ [ لقمان : ٢٢ ] وقال عليه الصلاة والسلام :( إن الله لا ينتزع العلم ا نتزاعاً بعد أن أعطاكموه ) فبذلك