صفحة رقم ٢٢٨
في الحديث الآخر، فالمغرب حينئذ المدينة وما ينسب إليها من جهة المشرق وما وراء ذلك من جهة الجنوب والشمال وما وراء ذلك من جهة الغرب إلى منتهى الأرض، فلا يعارض حينئذ حديث ( وهم بالشام ) فإنها من جملة المغرب على هذا التقدير، فدونك جمعاً طال ما دارت فيه الرؤوس وحارت فيه الأفكار في المحافل والدروس - والله الموفق.
ولما أفاد ما تقدم وصفه تعالى بتمام القدرة واتساع الملك والفضل وشمول العلم كان من المحال افتقاره إلى شيء ولد أو غيره قدّم أهل الأديان الباطلة كلهم بافترائهم في الولد اليهود في عزير والنصارى في المسيح وعبدة الأوثان في الملائكة فقال معجباً ممن اجترأ على نسبة ذلك إليه مع معرفة ما تقدم عاطفاً على ما سبق من دعاويهم :( وقالوا اتخذ الله ( الذي له الكمال كله وعبر بقوله :( ولداً ( الصالح للذكر والأنثى لينظم بذلك مقالات الجميع.
ولما كان العطف على مقالات أهل الكتاب ربما أوهم اختصاص الذم بهم حذفت واو العطف في قراءة ابن عامر على طريق الاستئناف في جواب من كأنه قال : هل انقطع حبل افترائهم ؟ إشارة إلى ذم كل من قال بذلك، وذلك إشارة إلى شدة التباسها بما قبلها كما قال الإمام أبو علي الفارسي في كتاب الحجة، لأن جميع المتحزبين على أهل الإسلام مانعون لهم من إحياء المساجد بالذكر لشغلهم لهم بالعداوة عن لزومها، والحاصل أنه إن عطف كان انصباب الكلام إلى أهل الكتاب وأما غيرهم فتبع لهم للمساواة في المقالة، وإذا حذفت الواو انصب إلى الكل انصباباً واحداً.
ونزه نفسه الشريفة استئنافاً بقوله :( سبحانه ( فذكر علم التسبيح الجامع لإحاطة المعنى في جوامع التنزيه كله، ثم جاء بكلمة الإضراب المفهمة الرد بالنفي فكأن