صفحة رقم ٣٩٥
بما فطرهم عليه من التمكين لقبوله لأن الإذن أدناه التمكين وإزالة المنع - انتهى.
) والله ) أي المحيط علماً وقدرة ) يهدي من يشاء ) أي بما له من أوصاف الكمال ) إلى صراط مستقيم ( قال الحرالي : هذا هدى أعلى من الأول كأن الأول هدى إلى إحاطة علم الله وقدرته وهذا هدى إليه، وفي صيغة المضارع بشرى لهذه الأمة بدوام هداهم إلى ختم اليوم المحمدي ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله ) انتهى.
ولما أفهم ما صرح به الكلام السابق من الاختلاف وقوع العداوات وكان في العداوات خطر الأموال والأنفس وكان ذلك أشق ما يكون وكانت العادة قاضية بأن المدعوين إلى ذلك إن لم يصممواعلى الآيات كانوا بين مستثقلين لأمر الرسل يرون أنهم يفرقون ما اتفق من الكلمة ورضي به الناس لأنفسهم ويشتتون أمرهم مستثقلين لطول انتظار الانتصار كان حالهم حال من يطلب الراحات في ذرى الجنات بلا مشقات وذلك محال ومحض ضلال، فإن الثبات على الصراط المستقيم لا يكون إلا باحتمال شدائد التكاليف فكان كأنه قيل في جواب ذلك عدولاً عن خطاب النبي ( ﷺ ) المقول له
٧٧ ( ) سل بني إسرائيل ( ) ٧
[ البقرة : ٢١٢ ] إلى خطاب الأتباع تشريفاً له عن ذلك ورفعاً لهممهم بالمواجهة بالخطاب والتأسية بمن مضى من أولي الألباب تنشيطاً لهم وتقوية لعزائمهم : أحسبتم أنا لا نرسل الرسل لتمييز الخبيث من الطيب ) أم حسبتم ( بعد إرسالهم أن الأمر هين بأن تنالوا السعادة بلا اجتهاد في العبادة.
قال الحرالي : هو مما منه الحسبان وهو ما تقع غلبته فيما هو من نوع المفطور عليه المستقر عادته، والظن الغلبة فيما هو من المعلوم المأخوذ بالدليل والعلم ؛ فكأن ضعف علم العالم ظن وضعف عقل العاقل حسبان - انتهى.
وهذا الذي قدرته هو معنى ) أن تدخلوا الجنة ( أي