صفحة رقم ٤٠٠
قدره في نكس الإنفاق بأن يتصدق على الأجانب مع حاجة من الأقارب فقال تعالى خطاباً للنبي ( ﷺ ) وإعراضاً منه عن السائلين لما في السؤال من التبلد الإسرائيلي - انتهى.
فقال :( قل ما أنفقتم من خير ) أي من مال وعدل عن بيان المنفق ما هو إلى بيان المصرف لأنه أنفع على وجه عرف منه سؤالهم وهو كل مال عدّوه خيراً فقال معبراً بالماضي ليكون أشمل :( ما أنفقتم من خير ( فعمم المنفق منه وهو كل ماله تعدونه خيراً وخص المصرف مبيناً أهمه لأن النفقة لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها فقال : فللوالدين ( لأنهما أخرجاه إلى الوجود في عالم الأسباب ) والأقربين ( لما لهم من الحق المؤكد بأنهم كالجزء لما لهم من قرب القرابة ) واليتامى ( لتعرضهم للضياع لضعفهم.
وقال الحرالي : لأنهم أقارب بعد الأقارب باليتم الذي أوجب خلافة الغير عليهم - انتهى ) والمساكين ( لمشاركتهم الأيتام في الضعف وقدرتهم في الجملة على نوع كسب.
قال الحرالي : وهم المتعرضون لغة والمستترون الذين لا يفطن لهم ولا يجدون ما يغنيهم شرعاً ولغة نبوية - انتهى.
) وابن السبيل ( لضعفه بالغربة والآية محكمة فحمل ما فيها على ما يعارض غيرها.
ولما خص من ذكر عمم وبشر بقوله :( وما تفعلوا من خير ) أي مما يعد خيراً من عين أو معنى من هذا أو غيره مع هؤلاء أو غيرهم ) فإن الله ( المحيط علماً وقدرة بكل شيء.
ولما كان على طريق الاستئناف في مقام الترغيب والترهيب لكونه وكل الأمر إلى المنفقين وكان سبحانه عظيم الرفق بهذه الأمة أكِد علمه بذلك فقدم بذلك فقدم الظرف غشارة إلى أن له غاية النظر إلى أعمالهم الحسنة فقال :( به عليم ) أي بالغ العلم وهو أولى من جازى على الخير.
وقال الحرالي : ختم بالعلم لأجل دخول الخلل على النيات في الإنفاق لأنه من أشد شيء تتباهى به النفس فيكاد لا يسلم لها منه إلا ما لا تعلمه شمالها التي هي التفاتها وتباهيها ويختص بيمينها التي هي صدقها وإخلاصها - انتهى.
ولما أخبروا بما سألوا عنه من إحدى الخصلتين المضمنتين لآية الزلزال كان ذلك موضع السؤال عن الأخرى فأجيبوا على طريق الاستئناف بقوله :( كتب (.
وقال الحرالي : لما التف حكم الحج بالحرب تداخلت آيات اشتراكهما وكما تقدم تأسيس فرض الحج في آية
٧٧ ( ) فمن فرض فيهن الحج ( ) ٧
[ البقرة : ١٩٧ ] انتظم به كتب القتال، والفرض من الشيء ما ينزل بمنزلة الجزء منه، والكتب ما خُرز بالشيء فصار كالوصلة فيه، كما جعل الصوم لأن في الصوم جهاد النفس كما أن في القتال جهاد العدو، فجرى ما شأنه المدافعة بمعنى الكتب وما شأنه العمل والإقبال بمعنى الفرض، وهما معنيان مقصودان في الكتاب والسنة تحق العناية بتفهمهما لينزل كل من القلب في محله


الصفحة التالية
Icon