صفحة رقم ٥٥٣
الله عنهما : قد فعلت، واستمر إلى آخر السورة كلما قرؤوا جملة قال : نعم.
فقد تبين من هذا تناسب هذه الآيات، وأما مناسبتها لأول السورة رداً للمقطع على المطلع فهو أنه لما ابتدأ السورة بوصف المؤمنين بالكتاب الذي لا ريب فيه على الوجه الذي تقدم ختمها بذلك بعد تفصيل الإنفاق الذي وصفهم به أولها على وجه يتصل بما قبله من الأوامر والنواهي والاتصاف بأوصاف الكمال أشد اتصال، وجعل رأسهم الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام تعظيماً للمدح وترغيباً في ذلك الوصف فأخبر بغيمانهم بما أنزل إليه بخصوصه وبجميع الكتب وجميع الرسل وبقولهم الدال على كمال الرغبة وغاية الضراعة والخضوع فقال استئنافاً لجواب من كأنه قال : ما فعل من أنزلت عليه هذه الأوامر والنواهي وغيرها ؟ ) آمن الرسول ) أي بما ظهر له من المعجزة القائمة على أن الآتي إليه بهذا الوحي ملك من عند الله سبحانه وتعالى كما آمن الملك به بما ظهر له من المعجزة الدالة على أن الذي أتى به كلام الله أمره الله سبحانه وتعالى بإنزاله فعرفه إشارة إلى أنه أكل الرسل في هذا الوصف باعتبار إرساله إلى جميع الخلائق الذين هم لله سبحانه وتعالى، وأنه الجامع لما تفرق فيهم من الكمال، وأنه المخصوص بما لم يعطه أحد منهم من المزايا والأفضال ) بما أنزل إليه ) أي من أن الله سبحانه وتعالى يحاسب بما ذكر وغير ذلك مما أمر بتبليغه ومما اختص هو به ورغب في الإيمان بما آمن به بقوله :( من ربه ) أي المحسن إليه بجليل التربية المزكي له بجميل التزكية فهو لا ينزل إليه إلا ما هو غاية في الخير ومنه ما حصل له في دنياه من المشقة.
قال الحرالي : فقبل الرسول هذا الحساب الأول العاجل الميسر ليستوفي أمره منه وحظه في دنياه، قال ( ﷺ ) لما قالت له فاطمة رضي الله تعالى عنها عند موته : واكرباه :( لا كرب على أبيك بعد اليوم ( وقال ( ﷺ ) فيما رواه أبو نعيم في الحلية عن أنس رضي الله تعالى عنه ) ما أوذي أحد في الله ما أوذيت ( فنال حظه من حكمة ربه في دنياه حتى كان يوعك كما يوعك