صفحة رقم ٩٣
ونحن في ظهره فقال عاطفاً على ( إذ ) الأولى وعدل عن الغيبة إلى التكلم ثم إلى كونه في مظهر العظمة إعلاماً بأنه أمر فصل لا فسحة في المراجعة فيه.
وقال الحرالي : لما أنبأ تعالى بأمر مفاوضة الملائكة وما كان من ادعائهم وتسليمهم الأمر لله ولمن علمه الله وهو آدم عليه السلام نظم بذلك نبأ انقيادهم لآدم فعلاً كما انقادوا له علماً تماماً لكمال حالهم في التسليم علماً وعملاً فقال تعالى - انتهى.
) وإذ قلنا ) أي على عظمتنا ) للملائكة ) أي الذين أكرمناهم بقربنا ) اسجدوا لآدم ( عبدنا اعترافاً بفضله لتفضيلنا له.
قال الحرالي : فجعله باباً إليه وكعبة يجلّونه بجلاله تعالى ومحراباً وقبلة، يكون سجودهم له سجوداً لله تجاه آدم كسجود آدم تجاه الكعبة، وظهر بذلك سوء إباء إبليس عن السجود حين خالفهم في طينة الكيان، لأن الملائكة خلقت من نور والنور طوع لا يحوزه أين ولا يختصه جهة، ولأن الجان خلقت من نار وهي مما يحوزه أين وتختصه جهة لا يرجع عنها إلا بقهر وقسر، فلم ينزل عن رتبة قيامه في جبلته لمخلوق الطين حيث لم يشعر بإحاطة خلق آدم كما تلقته الملائكة - انتهى.
فبادروا الامتثال ) فسجدوا ) أي كلهم له كما أمرهم الله تعالى ) إلا إبليس ( قال الحرالي : من الإبلاس وهو انقطاع سبب الرجاء الذي يكون عنه اليأس من حيث قطع ذلك السبب - انتهى.
فكأنه قيل : ما فعل ؟ فقيل :( أبى (، من الإباء وهو امتناع عما حقه الإجابة فيه - قاله الحرالي.
) واستكبر ( عن السجود له، من الاستكبار وهو استجلاب الكبر، والكبر بطر الحق وغمض الناس وغمطهم، وموجب ذلك استحقار الغير من وجه واستكمال النفس من ذلك الوجه - قاله الحرالي.
) وكان ) أي في اصل جبلته بما أفهمه الاستكبار من نسبتنا إلى ترك الحكمة إما جهلاً أو جوراً في أمرنا بسجوده لآدم وهو على زعمه خير منه ) من ( وهي كلمة تفهم اقتباس الشيء مما جعل منه - قاله الحرالي.
) الكافرين ) أي الذين سبق علمنا بشقاوتهم لم يتجدد لنا بذلك علم ما لم نكن نعلمه.
وفي الآيات الثلاث ) يا أيها الناس اعبدوا ربكم ( و ) كيف تكفرون بالله ( و ) إذ