صفحة رقم ٩٧
فأراد الله أن يخلق خلقاً يتسلط على حيتان البحر وطير السماء وعلى الدواب وجميع السباع وعلى الحشرة التي تدب على الأرض فخلق آدم بصورته ذكراً وأنثى وبارك عليهما وقال لهما : انميا وأكثرا وتسلطا على حيتان البحر وطير السماء والدواب وجميع السباع ؛ وقال : ها أنا ذا قد أعطيتكما جميع العشب الذي يزرع على وجه الأرض كلها وكل شجر ذات ثمار تغرس فيها ليكون لكما مأكلاً ولجميع سباع البر وطيور السماء ولكل ما يدب على الأرض فيه نفس حية، فكان كذلك ؛ وكملت السماء والأرض وجميع ما فيهما في اليوم السادس، ولم يكن ظهر على الأرض شيء من عشب الأرض، لأن الله لم يكن أهبط المطر على وجه الأرض بعد، وذلك لأن آدم لم يكن خلق بعد ليعمل في الأرض، وكان ينبوع يظهر في قعر عدن فيسقي جميع وجه الأرض.
فجبل الله الرب آدم من تربة الأرض ونفخ في وجهه نسمة الحياة فصار آدم ذا نفس حية وغرس الله الرب فردوساً بعدن من قبل وأسكنه آدم، وأنبت الله كل شجرة حسنة المنظر شهية المأكل وشجرة الحياة وسط الفردوس وشجرة علم الخير والشر، وكان نهر يخرج من عدن فيسقي الفردوس وكان ينفصل من هناك وينفرق على أربعة أطراف : اسم أحدها سيحون الذي يحيط بجميع أرض الهند وتلك البلاد الكثيرة، وذَهَب تلك الأرض جيد جداً، هنالك المها وحجر البلور، واسم النهر الثاني جيحون الذي يحيط بجميع أرض الحبشة، واسم النهر الثالث دجلة الذي يخرج قبالة الموصل، والنهر الرابع الفرات ؛ فتقدم الرب إلى آدم وقال له : كل من جميع أشجار الفردوس، فأما شجرة علم الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك في اليوم الذي تأكل منها تموت موتاً.
وقال الله : لا يحسن أن يكون آدم وحده فلنخلق له عوناً مثله، فجمع الرب من الأرض جميع سباع البر وطير السماء وأقبل بها إلى آدم ليرى ما يسميها وكل نفس حية سماها آدم فذلك اسمها فسمى الجميع، فألقى الله على آدم سباتاً فرقد، فنزع ضلعاً من أضلاعه وأخلف له بدله لحماً، فخلق الله من الضلع الذي أخذ من آدم امرأة، فأقبل بها إلى آدم فقال : هذه الآن التي فرنت إليّ وفي هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي فلتدع امرأة لأنها أخذت من الرجل، ولذلك يدع الرجل أباه وأمه ويلحق بامرأته ويكونان كلاهما جسداً واحداً ؛ وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته ولا يستحييان.
وكانت الحية أعز دواب البر كلها فقالت الحية للمرأة : أحق أن الله قال لكما : لا تأكلا من جميع شجر الجنة ؟ فقالت المرأة : إنا لنأكل من كل ثمر الجنة، فأما من ثمرة