صفحة رقم ١٢٥
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) ٧٣
( ) ٧١
ولما كان آخر هذه القصص في الحقيقة إبطال كل ما خالف الإسلام الذي هو معنى
٧٧ ( ) إن الدين ند الله الإسلام ( ) ٧
[ آل عمران : ١٩ ] - وما بعد ذلك إنما جرّه - ختم الآية بدعوى أن المخالفين من الخاسري، وختم ذلك بأن من مات على الكفر لا يقبل إنفاقه للإنقاذ مما يلحقه من الشدائد، لا بدفع لقاهر ولا بتقويلة لناصر، فتشوفت النفس إلى الوقت الذي يفيد فيه الإنفاق وأي وجوهه أنفع، فأرشد إلى ذلك وإلى أن الأحب منه أجدر بالقبول، رجوعاً إلى ما قرره سبحانه وتعالى قبل آية الشهادة بالوحدانية من صفة عباده المنفقين والمستغفرين بالأسحار على وجه أبلغ بقوله :( لن تنالوا البر ( وهو كمال الخير ) حتى تنفقوا ) أي في وجوه الخير ) مما تحبون ) أي من كل ما تقتضون، كما ترك إسرائيل عليه الصلاة والسلام أحب الطعام إليه لله سبحانه وتعالى.
ولما كان التقدير : فإن أنفقتم منه علمه الله سبحانه وتعالى فأنالكم به البر، وإن تيممتم الخبيث الذي تكرهونه فأنفقتموه لم تبروا، وكان كل من المحبة والكراهة أمراً خفياً، قال سبحانه وتعالى مرغماً مرهباً :( وما تنفقوا من شيء ) أي من المحبوب وغيره ) فإن الله ) أي الذي له الإحاطة الكاملة.
وقدم الجار اهتماماً به إظهاراً لأنه يعلمه من جميع وجوهه ما تقول لمن سالك - هل تعلم كذا : لا أعلم إلا هو، فقال :( به عليم ( فهذا كما ترى احتباك.
ولما أخبر بذلك بين أنه كان ديدن أهل الكمال على وجه يقرر به ما مضى من الإخبار بعظيم اجتراء أهل الكتاب على الكذب بأمر حسّي فقال تعالى :( كل الطعام ) أي من الشحوم مطلقاً وغيرها ) كان حلاًّ لبني إسرائيل ( تبرراً وتطوعاً ) على نفسه ( وخصه بالذكر استجلاباً لبنيه إلى ما يرفعهم بعد اجتذابهم للمؤمنين إلى ما يضرهم ولا ينفعهم.
ولما كانوا بما أغرقوا فيه من الكذب ربما قالوا : إنما حرم ذلك اتباعاً لحكم التوراة قال :( من قبل ( وأثبت الجار لأن تحريمه كان في بعض ذلك الزمان، لا مستغرقاً له.
وعبر بالمضارع لأنه أدل على التجدد فقال :( أن تنزل التوراة ( وكان قد ترك لحوم الإبل