صفحة رقم ١٣٠
بنات الواو : بغا الشيء بغواً : نظر إليه كيف هو، وقال في بنات الياء : بغيته أبغيه : طلبته، فالظاهر أن جعل عوجاً حالاً - كما قال أبو البقاء - اصوب من جعله مفعولاً - كما قال في الكشاف.
ويكون تبغون إما يائياً فيكون معناه : تريدونها معوجة أو ذات عوج، فإن طلب بمعنى : أراد ؛ وإما أن يكون واوياً بمعنى : ترونها ذات عوج، أي تجعلونها في نظركم يعني : تتكلفون وصفها بالعوج مع علمكم باستقامتها، لكن قوله ( ﷺ ) في الصحيح ( ابغني أحجاراً أستنفض بهن ) يؤيد قول صاحب الكشاف.
ولما ذكر صدهم وإرادتهم العود الذي لا يرضاه ذو عقل قال موبخاً :( وأنتم شهداء ) أي باستقامتها بشهادتكم باستقامة دين إبراهيم مع قيام أدلة السمع والعقل أنها دينه وأن النبي والمؤمنين أولى الناس به لانقيادهم للأدلة.
ولما كان الشهيد قد يغفل، وكانوا يخفون مكرهم في صدهم، هددهم بإحاطة علمه فقال :( وما الله ) أي الذي تقدم أنه شهيدعليكم وله صفات الكمال كلها ) بغافل ) أي أصلاً ) عما تعملون ( ولما تم إيذانه بالسخط على أعدائه وأبلغ في إنذارهم عظيم انتقامه إن داموا على إضلالهم، أقبل بالبشر على أحبائه، مواجهاً لهم بلذيذ خطابه وصفي غنائه، محذراً لهم الاغتراب بالمضلين، ومنبهاً ومرشداً ومذكرلاً ودالاً على ما ختم به ما قبلها من إحاطة علمه بدقيق مكر اليهود، فقال سبحانه وتعالى :( ياأيها الذين آمنوا ) أي بنبينا محمد ( ﷺ ) ) إن تطيعوا فريقاً ( أتى بهذا اللفظ لما كان المحذر منه الافتراق والمقاطعة الذي يأتي عيب أهل الكتاب به ) من الذين أوتوا الكتاب ) أي القاطعين بين الأحباب مثل شأس بن قيس الذي مكر بكم إلى أن أوقع الحرب بينكم، فلولا النبي الذي رحمكم به ربكم لعدتم إلى شر ما كنتم فيه ) بعد إيمانكم كافرين ) أي غريقين في صفة الكفر، فيا لها من صفقة ما أخسرها وطريقة ما أجورها.
ولما حذرهم منهم عظم عليهم طاعتهم باإنكار والتعجيب من ذلك مع ما هم عليه بعد اتباع الرسول ( ﷺ ) من الأحوال الشريفة فقال - عاطفاً على ما تقديره : فكيف تطيعونهم وأنتم تعلمون عداوتهم :( وكيف تكفرون ) أي يقع منكم ذلك في وقت من الأوقات على حال من الأحوال ) وأنتم تتلى ) أي تواصل بالقراءة ) عليكم آيات الله ) أي علامات الملك الأعظم البينات ) وفيكم رسوله ( الهادي من الضلالة المنفذ من الجهالة، فتكونون قد جمعتم إلى موافقة العدو مخالفة الولي وأنتم بعينه وفيكم أمينه بكل شيء علماً وقدرةً في جميع أحواله كائناً من كان.
ولما كان من قصر نفسه على من