صفحة رقم ١٤١
آل عمران :( ١١٨ - ١١٩ ) يا أيها الذين.....
) يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَآأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( ( )
ولما كان الجمال بالمال لا سيما مع الإنفاق من أعظم المرغبات في الموالاة، وكانت هذه الآية قد صيرت جميلة قبيحاً وبَذوله شحيحاً ؛ قال سبحانه وتعالى - مكرراً التنبيه على مكر ذوي الأموال والجمال الذين يريدون إيقاع الفتنة بينهم من اليهود والمنافقين ليضمحل أمرهم وتزول شوكتهم :( يا أيها الذين آمنوا ) أي إيماناً صحيحاً مصدقاً ادعاؤه بالعمل الصالح الذي من أعظمه الحب في الله والبغض في الله ) لا تتخذوا بطانة ) أي من تباطنونهم بأسراركم وتختصونهم بالمودة والصفاء ومبادلة المال والوفاء ) من دونكم ) أي ليسوا منكم أيها المؤمنون، وعبر ذلك إعلاماً بأنهم يهضمون أنفسهم وينزلونها عن علّي درجتها بموادتهم.
ثم وصفهم تعليلاً للنهي بقوله :( لا يألونكم خبالاً ) أي يقصون بكم من جهة الفساد، ثم بين ذلك بقوله على سبيل التعليل أيضاً :( ودّوا ما عنتم ) أي تمنوا مشقتكم.
ولما كان هذا قد يخفى بيَّنه بقوله معللاً :( قد بدت البغضاء من أفواههم ) أي هي بينة في حد ذاتها مع اجتهادهم في إخفائها، لأن الإنسان إذا امتلأ من شيء غلبه بفيضه، ولكنكم لحسن ظنكم وصفاء نياتكم لا تتأملونها فتأملوا.
ثم أخبر عن علمه سبحانه قطعاً ولعم الفطن من عباده بالقياس ظناً بقوله :( وما تخفي صدورهم أكبر ( مما ظهر على سبيل الغلبة.
ثم استأنف على طريق الإلهاب والتهييج قوله :( قد بيَّنا ) أي بما لنا من العظمة ) لكم ) أي بهذه الجمل ) الآيات ) أي الدالات على سعادة الدارين ومعرفة الشقي والسعيد والمخالف والمؤالف.
وزادهم إلهاباً بقوله :( إن كنتم ) أي جبلة وطبعاً ) تعقلون ( ثم استانف الإخبار عن ملخص حالهم معهم فقال منبهاً أو مبدلاً الهاء من همزة الإنكار :( هأنتم ألواء ) أي المؤمنون المسلمون المستسلمون ) تحبونهم ) أي لاغتراركم بإقرارهم بالإيمان لصفاء بواطنكم ) ولا ) أي والحال أنهم لا ) يحبونكم ( لمخالفتهم لكم في الدين، فإنهم كاذبون في إقرارهم بالإيمان ) وتؤمنون ) أي أنتم ) بالكتاب كله ) أي ويكفرون هم به كله، إما بالقصد الأول وإما بالإيمان بالبعض والكفر بالبعض ) وإذا لقوكم قالوا ) أي لكم ) آمنا ( لتغتروا بهم ) وإذا خلوا ) أي منكم، وصوّر شدة حنقهم بقوله :( عضّوا عليكم ( لما يرون من ائتلافكم وحسن


الصفحة التالية
Icon