صفحة رقم ١٤٦
المنافقون ) والله ) أي والحال أن ذا الجلال والإكرام ) وليهما ( وناصرهما لأنهما مؤمنتان فلا يتأتى وقوع الفشل وتحققه منهما لذلك، فليتوكلا عليه وحده لإيمانهما، أو يكون التقدير : فالعجب منهما كيف تعمتدان على غير سبحانه وتعالى لتضعفا بخذلانه ) و ( الحال أنه ) على الله ) أي الذي له الكمال كله وحده ) فليتوكل المؤمنون ) أي الذين صار الإيمان صفة لهم ثابتة، أجمعون لينصرهم، لا على كثرة عدد ولا قوة جلد، والأحسن تنزيل الآية على الاحتباك ويكون أصل نظمها : والله وليهما لتوكلهما وإيمانهما فلم يمكن الفشل منهما، وفتولوا الله وتوكلوا عليه ليصونكم من الوهن، وعلى الله فليتوكل المؤمنون كلهم ليفعل بهم ذلك، فالأمر بالتوكل ثانياً دال على وجوده أولاً، وإثبات الولاية أولاً دال على الأمر بها ثانياً، وفي البخاري في التفسير عن جابر رضي الله عنه قال : فينا نزلت ) إذ همت طائفتين منكم أن تفشلا ( قال : نحن الطائفتان : بنو حارثة وبنو سلمة، وما نحب أنها لم تنزل لقول الله عز وجل :( والله وليهما (
آل عمران :( ١٢٣ - ١٢٧ ) ولقد نصركم الله.....
) وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ ( ( )
ولما كان ظاهر الحال فيما أصاب الكفار من المسلمين في هذه الغزوة ربما كان سبباً في شك من لم يحقق بواطن الأمور ولا له أهلية النفوذ في الدقائق من عجائب المقدور في قوله تعالى :( ) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئاً ( ) [ آل عمران : ١٠ ] ) ) قل للذين كفروا ستغلبون ( ) [ آل عمران : ١٢ ] ذكرهم الله تعالى نصره لهم في غزوة بدر، وهم في القلة دون ما هم الآن بكثير، مشيراً لهم إلى ما أثمره توكلهم من النصر، وحالهم إذ ذاك حال الآيس منه، ولذلك كانوا في غاية الكراهة للّقاء بخلاف ما كانوا عليه في هذه الكرة، حثاً على ملازمة التوكل، منبهاً على أنه لا يزال يريهم مثل ذلك النصر ويذيق الكفار أضعاف ذلك الهوان حتى يحق الحق ويبطل الباطل ويظهر دينه الإسلام على الدين كله فقال - عاطفاً على ما تقديره : فمن توكل عليه نصره وكفاه وإن كان قليلاًن فلقد نصركم الله أول النهار في هذه الغزوة حيث صبرتم واتقيتم بطاعتكم للرسول ( ﷺ ) في ملازمة التعب والإقبال على الحرب وغير ذلك بما أمركم به ( ﷺ ) ولم تضركم قلتكم ولا ضعفكم بمن رجع عنكم شيئاً - :( ولقد نصركم


الصفحة التالية
Icon