صفحة رقم ١٥٧
الذي كان أعظم أيام الدنيا الذي أثبت فيه نور الإسلام عل مشرق الأرض ومغربها، فهزم ظلام الكفر وضرب أوتاده في كل قطر على درج الكعبة وهم في قبضته فقال :( ما تظنون إني فاعل بكم يا معشر قريش ؟ قالوا : خيراً أخ وبان أخ كريم، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء )، وبالاستغفار عنعمل الفاحشة من خذلان المؤمنين أو أكل الربا أو التولي عن قتال الأعداء، وعن ظلم النف سمن محبة الدنيا الموجب للإقبال على الغنائم التي كانت سبب الانهزام أو يغر ذلك مام أراد الله تعالى فقال تعالى :( وسارعوا ) أي بأن تفعلوا في الطاعات فعل من يسابق خصماً ) إلى مغفرة من ربكم ) أي المحسن إليكم بإرسال الرسل وإنزال الكتب بعمل ما يوجبها من التوبة والإخلاص وكل ما يزيل العقاب ) وجنة ) أي عظيمة جداً بعمل كل ما يحصل الثواب، ثم بين عظمها بقوله :( عرضها السموات والأرض ) أي كعرضهما، فكيف بطولها، ويحتمل أن يكون كطولهما، فهي أبلغ من آية الحديد - كما يأتي لما يأتي، وعلى قراءة ) سارعوا ( بحذف الواو يكون التقدير : سارعوا بفعل ما تقدم، فهو في معناه، لا مغائر له.
ولما وصف الجنة بين أهلها بقوله :( أعدت ) أي الآن وفرغ منها ) للمتقين ( وهم الذين صارت التقوى شعارهم، فاستقاموا واستمروا على الاستقامة، ثم وصف المتقين بما تضمن تفصيل الطاعة المأمور بها قبل إجمالاً ن على وجه معرف بأسباب النصر إلى آخر ما قص من خبر الأنبياء الماضين ومن معهم من المؤمنين بادئاً ما هو أشق الأشياء ولا سيما في ذلك الزمان من التبر ومن المال الذي هو عديل الروح فقال :( الذين ينفقون ) أي مما آتاهم الله، وهو تعريض بمن أقبل على الغنيمة ) في السراء والضراء ) أي في مرضاة الله في حال الشدة والرخاء. ولما ذكر أشق ما يترك ويبذل أتبعه أشق ما يحبس فقال :( والكاظمين ) أي الحابسين ) الغيظ ( عن أن ينفذوه بعد أن امتلؤوا منه.
ولما كان الكاظم غيظه عن أن يتجاوز في العقوبة قد لا يعفو حثه على العفو بقوله :( والعافين ( وعمم في الحكم بقوله :( عن الناس ) أي ظلمهم لهم ولو كانوا قد قتلوا منهم أو جرحوهم.
ولما كان التقدير : فإن الله يحبهم لإحسانهم عطف عليه تنويهاً بدرجة الإحسان قوله :( والله ) أي الذي له صفات الكمال ) يحب المحسنين ) أي يكرمهم بأنواع الإكرام على سبيل التجديد والاستمرار.


الصفحة التالية
Icon