صفحة رقم ١٦٥
كل جميل ولذلك رفع نمزلتهم ولم يجعل ثوابهم بعضاً، كما فعل بمن عبد لإرادة الثواب فقال :
٧٧ ( ) نؤته منها ( ) ٧
[ آل عمران : ١٤٥ ] فقد بان أن هذه الآية منعطفة على ما أمر به الصحابة رضي الله عنهم على طريقة اللف والنشر المشوش، فنفي الوهن تعريض بمن أشير إليه في آية
٧٧ ( ) ولقد كنتم تمنون الموت ( ) ٧
[ آل عمران : ١٤٣ ] ونحو ذلك والثناء لعى قولهم حث عل مثل ما ندبهم اليه في قولهم
٧٧ ( ) ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ( ) ٧
[ آل عمران : ١٣٩ ] وإلى أن ثبات لاقدم للنصر على أعداء الله كان شاغلاً للاهم عن الالتفات إلى غيره، وتعريض بمن أقبل على الغنائم وترك طلب العدو لتمام النصر المشار إليهم بآية
٧٧ ( ) ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ( ) ٧
[ آل عمران : ١٤٥ ] وإيتاء الثواب ناظر إلى النهي عن الربا وما انتظم في سلكه وداناه، وإلى الأمر بالمسارعة إلى الجنة وما والاه، وإيماء إلى أن من فعل فعلهم نال ما نالوا، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه، لأن علمه محيط، وكرمه لا يحد، وخزائنه لا تنفذ، بل لا تنقص، ثم ختمها بما ختم به للحث على التخلق بأوصاف المتقين ؛ فقد اتضح بغير لبس أن المراد بهذه الآية - وهي الإخبار عن إيتائهم الثواب - التنبيه على أن أهم الأمور وأحقها بالبداءة التخلق بما وعظوا به قبل قص القصة، ولا ريب أن في مدح من سواهم تهييجاً زائداً لانبعاث نفوسهم وتحرك هممهم وتنبيه نشاطهم وثوران عزائمهم غيرة منهم أن يكون أحد - وهم خير أمة أخرجت للناس - أعلى همة وأقوى عزيمة وأشد شكيمة وأصلب عوداً واثبت عموداً وأربط جأشاً وأذكر لله وأرغب فيام عنده وأزهد فيما أعرض عنه منهم.
ولما أمر سبحانه وتعالى بطاعته الموجبة للنصر والأجر وختم بمحبته للمحسنين، حذر من طاعة الكافرين المقتضية للخذلان رغبة في موالاتهم ومنا صرتهم فقال تعالى واصلاً بالنداء في آية الربا :( الذين كفروا ) أي هذا الفريق منهم أو غيره ) يردوكم على أعاقبكم ( بتعكيس أحوالكم إلى أن تصيروا مثلهم ظالمين كافرين ) فتنقلبوا خاسرين ( في جميع أموركم في الدراين، فتكونوا ي غاية البعد من أحوال المحسنين، فتكونوا بمحل السخط من الله صغرة تحت أيدي الأعداء في الدنيا خالدين في العذاب في الآخرى، وذلك ناظر إلى قوله تعالى أول ما حذر من مكر الكفار
٧٧ ( ) ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب ( ) ٧
[ آل عمران : ١٠٠ ]، وموضح أن جميع هذه الآيات شديد اتصال بعضها ببعض - والله الموفق.
ولما كان التقدير : فلا تطيعوهم، إنهم ليسوا صالحين للولاية مطلقاً ما دمتم


الصفحة التالية
Icon