صفحة رقم ٢٢٣
البنوة ؛ أكدها بما يقتضيه حالها، فجعلها في قصتين، ذكر إحداهما هنا إدخالاً لها في حكم الوصية المفروضة، وختم بالأخرى السورة لأن الختام من مظنات الاهتمام.
ولما كانت قرابة الأم أضعف من قرابة الأب قدمها هنا دلالة على الاهتمام بشأنها، وأن ما كانوا يفعلونه من حرمان الإناث خطأ وجور عن منهاج العدل، فقال تعالى :( وإن كان ) أي وجد ) رجل يورث ( ي من ورث حال كونه ) كلالة ) أي ذا حالة لا ولد له فيها ولا والد، أو يكون يورث من : أورث - بمعنى أن إرث الوارث بواسطة من مات كذلك : لا هو ولد للميت ولا والد، ووارثه أيضاً كلالة لأنه ليس بوالد ولا ولد، فالمورث كلالة وارثه، والوارث كلالة مورثة ؛ قال الأصبهاني : رجل كلالة، وامرأة كلالة، وقوم كلالة، لا يثنى ولا يجمع، لأنه مصدر كالدلالة والوكالة، وهو بمعنى الكلال، وهو ذهاب القوة من الإعياء، وقد تطلق الكلالة عل القرابة من غير جهة الولد والوالد، ومنه قولهم : ما ورث المجد عن كلالة ) أو ( وجدت ) امرأة ) أي تورث كذلك، ويجوز أن يكون ( يورث ) صفة، و ( كلالة ) خبر كان ) وله ( خبر كان ) وله ) أي للمذكور وهو الموروث على أي الحالتين كان.
ولما كانت الإدلاء بمحض الأنوثة يستوي الذكر والأنثى لضعفها قال ) أخ أو أخت ) أي من الأم بإجماع المفسرين، وهي قراءة أبي وسعد بن مالك رضي الله عنهما ) فلكل واحد منهما السدس ) أي ممن تركته، من غير فضل للذكر على الأنثى. ولما أفهم ذلك، أي بتحويل العارة المذكورة من أن يقال : فله السدس أنهما إن كانا معا كان لهما الثلث، وكان ذلك قد يفهم أنه إن زاد الإرث عن الثلث نفاه بقوله ) فإن كانوا ) أي ما أفهمه ( أخ أو أخت ) من الوارث منهم ) أكثر من ذلك ) أي واحد، كيق كانوا ( فهم شركاء ) أي بالسزية ) في الثلث ) أي المجتمع من السدسين اللذين تقدم أنهما بينهما، لا يزادون على ذلك شيئا، ثم كرر الحث على مصلحة الميت بيانا للاهتمام بها فقال ) من بعد وصية يوصين بها أو دين (
ولكا كان الميت قد يضار ورثته، أو بعضهم بشيء يخرجه عنهم ظاهرا أو باطنا كأن يقر بماله لأجنبي، أو بدين لا حقيقة به، أو بدين كان له بأنه استوفاه، ختم الآية بالزجر عن ذلك بقوله ) غير مضار ( مع ما تقدم من الإشارة إلى ذلك أول القصة بقول ) لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ) [ النساء : ١١ ] قال الأصبهاني : والإضرار في الوصية من الكبائر، ثنم أكد ذلك بقوله مصدرا ليوصيكم ) وصية من الله ) أي الذي له الأمر كله مع تأكيده بجميع ما في الآيات تعظيما للأمر باكتناف الوصية بأولها وآخرها، وهو دون الفريضة في حق الأولاد لأن حقهم أكد.


الصفحة التالية
Icon