صفحة رقم ٢٣٧
من تناول المحرم، فالإسلام مانع، وكذلك الحرية مانعة، وكذلك التزوج والإصابة مانع وكذلك الحبس في البيوت مانع، وكل ما منع أحصن، وقد قال الله عز ولجل
٧٧ ( ) وعلمناه صنعة لبؤس لكم لتحصنكم من بأسكم ( ) ٧
[ الأنبياء : ٨٠ ] وقال :
٧٧ ( ) لا يقاتلونكم جميعاً إلى في قرى محصنة ( ) ٧
[ الحشر : ٤١ ] يعني مممنوعة، قال : وآخر الكلام وأوله يدلان على أن معنى الإحصان المذكور عام في موضع دون يغره، إذ الإحسان ها هنا الإسلام دون النكاح والحرية والتحصين بالحبس والعفاف، وهذه الأسماء التي يجمعها اسم الإحصان - انتهى.
) فإن أتين بفاحشة ( ولا تكون حينئذ إلا عن رضى من غير إكراه.
ولما كان من شأن النكاح تغليظ الحد، فغلظ في الحرائر بالرجم ؛ بين تعالى أنه لا تغليظ على الإماء، بل حدهن بعده هو حدهن قبله، فقال ) فعليهن نصف ما على المحصنات ) أي الحرائر لأنهن في مظنة العفة وإن كن بغير أزواج ) من العذاب ) أي الحد - كما كان ذلك عذابهن قبل الإحصان، وهذا يفهمه بطريق الأولى، والمراد هنا الجلد، لأن الرجم لا ينتصف.
ولما كان كأنه قيل : هل هذا لكل عاجز عن الحرة ؟ استؤنف جواب هذا السؤال بقوله تعالى مشيراً بأداة البعد إلى أنه مما لا يحسن قربه :( ذلك ) أي حل نكاح الإماء الذي ينبغي البعد منه ) لمن خشي العنت ) أي الوقوع في الزنا الموجب للإثم المقتضي للهلاك بالعذاب في الدنيا والآخرة بما عنده من عظيم الداعية إلأى النكاح ومشقة الصبر عنه ؛ قالوا : وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر، فاستعير لكل مشقة وضرر ؛ قال الأصبهاني : وقيل : إن الشبق الشديد والغلمة العظيمة قد يؤدي بالإنسان إلى الأمراض الشدية، أما في حق النساء فقد يؤدي إلى اختناق الرحم، وأما في حق الرجال فقد يؤدي إلى أوجاع الوركين والظهر.
ولما كان هذا التخفيف والتيسير خاصاً بالمؤمنين منا قيد بقوله :( منكم ( ولما بين إباحته وأشار إلى البعد عنه لما فيه من استرقاق الولد صرح بالندب إلى حبس النفس عنه فقال :( وإن تصبروا ) أي عن نكاحهن متعففين ) خير لكم ) أي لئلا تعيروا بهن، أو تسترق أولادكم منهن، ثم أتبع ذلك بتأكيده لذوي البصائر والهمم في سياق دال على رفع الحرج فقال :( والله ) أي الذي له الجلال والإكرام ) غفور ) أي لمن لم يصبر، والمغفرة تشير إلى نوع تقصير ) رحيم ) أي فاعل به فعل الراحم منكم بالإذن في قضاء وطره واللطف فيما يتبع ذلك من المحذور.


الصفحة التالية
Icon